استنكر العديد من خطباء المساجد خلال صلاة الجمعة يوم أمس، رفض بعض الأئمة الوقوف للنشيد الوطني خلال لقاء بدار الإمام بالجزائر العاصمة. وجاء الاستنكار شديدا حيث انطلق بعض الخطباء من ذكرى 5 جويلية واحتفالات عيد الاستقلال التي تحل بعد غد. اعتبر الخطباء النشيد الوطني رمزا مقدسا، لا يتعارض أبدا مع الدين الإسلامي الحنيف، لأنه اعتراف صريح بتضحيات الآباء والأجداد في سبيل الوطن وتقدير للمجاهدين الأبرار الذين مازالوا على قيد الحياة، وتكريم للشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء للجزائر. إن وقفة خطباء الجمعة أمس ، تعني أن سلوك الأئمة الذين رفضوا الوقوف للنشيد الوطني، مجرد " حادثة معزولة "، قام بها بعض الأئمة ثم ندموا على فعلتهم أمام مجلس التأديب، لأنهم لم يكونوا على دراية كافية وعلم كبير بحيثيات الموضوع. وبالموازاة مع ذلك كتب بعض الأئمة في الصحافة الوطنية الصادرة أمس ما يدين سلوك الأئمة الذين رفضوا الوقوف للنشيد الوطني، وقالوا من بين ما قالوا أنه حتى في صدر الإسلام خلال غزوات النبي الكريم والفتوحات الإسلامية كانت راية الإسلام ترفع عاليا، وكان الصحابة يتناوبون عليها، وإذا استشهد حامل الراية يتلقفها القريب منه حتى لا تسقط وهكذا دواليك. بل كان الصحابة يختارون حامل الراية لرمزيتها وأهميتها ودلالتها ويفضلون فلانا عن علان. فهل كان الصحابة يقدسون الراية الوطنية تقديسا ألوهيا؟ لو كان ذلك لما تردد الرسول صلى الله عليه وسلم في رفضها، وقد قال الفقهاء إن الرسول الكريم لم يكن أبدا يتردد في رفض ما يتعارض وتعاليم الإسلام، أما ما سكت عنه فهو مباح شرعا. إن ردود الفعل المستنكرة من قبل الأئمة أولا، تشير إلى وجود وعي حقيقي مطمئن. لكن مع ذلك يجب التأكيد على أن تكوين الإمام لا يجب أن يقتصر على الأمور الشرعية فقط، لأن نظرة الناس للإمام نظرة خاصة، فكثير من المصلين يعتبرون أقوال الإمام وأفعاله هي " الدين بعينه ".