استهل الدكتور بومعيزة مداخلته حول تقنيات مواجهة الجمهور بالحديث عن أهمية الاتصال الذي تحول إلى الوسيلة المثلى والأنجع لحل المشاكل وفض النزاعات عن طريق الإقناع من أجل تحقيق التفاهم والانسجام فيما بين الناس، كما قدم عرضا حول تقنيات فن الخطابة والتبليغ السياسي التي أصبح الرجل السياسي بحاجة إليها في الوقت الراهن. مداخلة الدكتور بومعيزة جاءت على هامش الندوة الجهوية التكوينية التي نظمها حزب جبهة التحرير الوطني أول أمس بسطيف، حيث أكد أن الاتصال هو عملية تفاعل وتبادل للرموز بين فرد وآخر أو آخرين. فهو الإقناع، ولإقناع هو استعمال الحجة والمصداقية والإغراء والمظهر الجذاب وتوظيف أدوات تقنية وبلاغية، والإقناع هو التأثير، والتأثير هو تغيير الآراء والاتجاهات والسلوكيات، وهذا يعني ممارسة السلطة على الناس. وفيما يتعلق بميدان السياسة، أوضح الدكتور بومعيزة أن المهارات الاتصالية أصبحت من المكونات الضرورية في مهنة الرجل السياسي الحديث في الوقت الحالي، سواء تعلق الأمر بمخاطبة المناضلين والمتعاطفين أو بخوض غمار الحملات الانتخابية أو التعامل مع وسائل الإعلام. والمهارة الاتصالية هي القدرة على اختيار السلوك الاتصالي الذي هو ملائم وفعال على حد سواء في وضع معين. وفي هذا السياق، تشير بعض الدراسات إلى أن نجاح الفرد المادي يعود بنسبة 15% إلى خبرته التقنية، و85 % إلى مهارته في هندسة شبكة العلاقات الإنسانية، أي المهارات الاتصالية من خلال قوة شخصيته ومدى قدرته على التأثير في الناس وقيادته لهم. وأضاف الدكتور أنه من بين المهارات الاتصالية التي يجدر بالرجل السياسي التحكم فيها، مهارات التحدث أمام الجمهور، حيث أنه أول شيء يقوم به المتحدث هو أن يعرف جمهوره ويكيف محتوى ما سيقوله وفقه، من حيث الرسالة والمحاججة واللغة. وأن يتأكد مسبقا من المكان الذي سيتحدث فيه وأماكن الجمهور والتجهيزات والسبورة والشاشة وآلات العرض وأجهزة الصوت، وغيرها. واستطرد الدكتور قائلا »عندما تواجه الجمهور تذكر بأنك ممثل على خشبة المسرح، كيف سيُنظر إليك مهم جدا، ولنا الحق في انطباع واحد لا أكثر. فينبغي أن تعرف كيف ترتدي ملابسك، كيف تمشي وكيف تجلس وكيف تحرك يديك. حاول أن تكون طيبا ومتحمسا وفخورا وواثقا من نفسك ولكن تجنب الغرور، تمرن على خطابك في البيت أمام مرآة أو عائلتك أو أصدقائك أو زملائك وصور فيديو وحلله«. ومن ثم يقول الدكتور بومعيزة، ابق على اتصال العيون مع الجمهور استعمل طريقة الثلاث ثواني، مثلا: النظر في عيون أحد أفراد الجمهور بصفة مباشرة لمدة ثلاث ثواني في كل مرة؛ كما تواصلْ بالعيون مع جماعة من أفراد الجمهور ومن حين إلى آخر وأنت تتحدث الق نظرة على الجمهور في رمته واجعله يحس بأن كل واحد منهم معني. وختم الدكتور بالتأكيد أن مهنة الرجل السياسي اليوم أصبحت أكثر تعقيدا عما كانت عليه من قبل، وإحدى وسائل تذليل هذا التعقيد تكمن في التحكم في تقنيات الاتصال عن طريق اكتساب المهارات اللازمة بالتعلم والتدريب من أجل إقناع الآخرين والتأثير فيهم والتمتع بسلطة عليهم. وبالتالي، فإن القاعدة الذهبية التي لا بد من نقشها في ذهن الذي يواجه الجمهور لمخاطبته تتكون من ثلاث كلمات وحسب، وهي: الممارسة والممارسة والممارسة.