انقضى شهر الصيام وجاء موعد الاستجمام، حيث يغتنم معظم الجزائريين العطلة الصيفية لقضاء أوقات ممتعة على شواطئ البحر، لكن الوجهة تختلف من واحد إلى أخر، ففي الوقت الذي يقصد فيه العديد من المواطنين الولايات الساحلية يلجأ البعض إلى الوكالات السياحية للحجز بفنادق ومنتجعات الجارة تونس وغيرها من البلدان السياحية التي أضحت القبلة المفضلة لدى الجزائريين، فيما سجل هذه السنة تراجع ملحوظ نحو السياحة التركية بسبب الأحداث الأخيرة على خلفية العمليات الإرهابية التي ضربت عددا من المدن السياحة بهذا البلد. تضاربت الآراء لدى العديد من المواطنين هذه السنة من أجل اختيار الوجهة السياحية لقضاء العطلة الصيفية في جو يسوده الاستقرار والسكينة بعد عام كامل من العمل والاجتهاد، حيث قلبت سياسة التقشف التي انتهجتها السلطات الجزائرية موازين الاختيار لدى الكثيرين بسبب تدهور القدرة المالية جراء الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد وما خلفته من تراجع ملحوظ على مستوى مختلف الخدمات من جهة وبسبب تزامن العطلة الصيفية من جهة أخرى مع شهر رمضان وعيد الفطر واقتراب عيد الأضحى المبارك والدخول المدرسي والاجتماعي والذي يثقل كاهل المواطن البسيط بسبب المصاريف والتكاليف الباهظة التي ترتبط مع هذه المناسبات. في خرجة ميدانية قادت " صوت الأحرار" إلى بعض أصحاب الوكالات السياحية بالعاصمة حيث أجمعوا غالبيتهم أثناء تقربنا منهم أن عطلة الصيف ستكون خارج الجزائر لدى الكثيرين ممن يفضلون قضاء عطلة صيفية مميزة وهذا بسبب نقص السياحة الاستقبالية في بلادنا وانعدام الهياكل القاعدية للاستقبال ومرافق الإيواء والمنتجعات السياحية إلى جانب تدني مستوى الخدمات وقلة اليد العاملة المؤهلة بمقاييس عالمية حسب ما أكده العديد من المواطنين الذين يقصدون الوكالات، حيث صرح قويدر رمضاني صاحب وكالة سياحية "آل تور" بأعالي الأبيار " تونس تبقى الوجهة السياحية المفضلة لدى الجزائريين، نظرا للأسعار المغرية التي تعرفها السياحة التونسية والخدمات الرفيعة مقارنة بما تقدمه المرافق السياحية الجزائرية والتي يتفق الكثيرون على أنها تبقى شبه غائبة مقارنة بالدول المجاورة " في حين أكد رشيد.م صاحب وكالة للسياحة والأسفار ببلدية باب الواد بالعاصمة " الجارة تونس الوجهة رقم واحد لدى الجزائريين بفضل ما تزخر به من مقومات سياحية تجلب الزوار في كل موسم اصطياف، والأسعار المغرية التي تتماشى مع رغبة الزائر مما أهلها لأن تكون المتجه المفضل لدى العائلات الجزائرية " المغرب وتركيا يدخلان مضمار المنافسة مع تونس من جهة أخرى دخلت تركيا سباق المنافسة مع تونس لجلب اكبر عدد من السياح الأجانب وفي مقدمتهم الجزائريين حيث بدأت في الترويج لسياحتها عبر مختلف القنوات التلفزيونية العربية والأجنبية من خلال المسلسلات والأفلام التركية التي تعرض على شاشة التلفاز مما جعلها محل فضول لدى الكثيرين من أجل اكتشافها والتمتع بمناظرها الخلابة، كما أن للوكالات السياحية الموزعة على ربوع الوطن هي الأخرى دور جد هام في الترويج للسياحة التركية حيث عملت على توفير تخفيضات مغرية لزبائنها من خلال توفير العديد من الخدمات السياحية خصوصا بعدما استطاعت أن تسحب البساط على تونس لمدة طويلة بعد الأحداث الدموية التي شهدتها تونس والأوضاع التي عرفتها خلال السنوات الأخيرة فيما سمي " بالربيع العربي"، حيث اختار بعض الجزائريينتركيا كبديل لقضاء العطلة لما تتميز به من أماكن سياحية جميلة على غرار" أنطاليا، ساحل الليسية، بودروم، كوساداسي " والتي استقطبت العديد من الزوار لاكتشفاها، وفي ذات السياق يضيف صاحب وكالة " آل تور" أن تونسوتركيا تتربعان على عرش البلدان الأكثر طلبا من قبل الجزائريين في السنوات الأخيرة موضحا بذلك أن الكثير من الجزائريين قد حجزوا مسبقا مقاعدهم للسفر إلى اسطنبولوتركيا بمعدل 50 رحلة أسبوعية منطلقة من الجزائر باتجاه تركيا. كما كان لدولة المغرب هي الأخرى الحظ الكبير أيضا في استقطاب العديد من السياح الجزائريين نظرا لما تزخر به من مقومات وخدمات ومرافق حيوية جد هامة على اعتبار أنها تتقاسم العديد من العادات والتقاليد مع الجزائر بالإضافة إلى استعدادها الكلي مع كل موسم اصطياف لاستقبال السياح من مختلف أنحاء العالم، حيث صرح الياس سنوسي صاحب وكالة " سفير تور" أن أكثر من عشرة ألاف سائح أسبوعيا يقصدون المغرب. الشارع الجزائري يطالب بسياحة قوية في استطلاع قامت به " صوت الأحرار" مع بعض المواطنين لنستفسر منهم أين ستكون وجهتهم لقضاء العطلة الصيفية، أجمع غالبية من قابلناهم في خرجتنا الميدانية على أن الجزائر تتمتع بثروات طبيعية جد هائلة تؤهلها لأن تكون ضمن أهم البلدان في العالم لجلب عدد هائل من السياح وبالتالي تفادي الهجرة الجماعية للجزائريين مع كل موسم اصطياف، حيث قال إبراهيم. م الذي صادفناه بإحدى الوكالات السياحية كان بغرض حجز شقة للكراء في عين تموشنت" إن غلاء أسعار الفنادق وأسعار شقق الكراء جعلني أقلص مدة عطلتي إلى خمسة أيام فقط، وأضاف أن تحكّم مجموعة غير منظمة في الشواطئ وفرضهم مبالغ كبيرة على المصطافين مقابل السباحة، أمر لا يغري بالسياحة في الجزائر"، في حين أكدت سميرة. ع موظفة " رغم تأكيد وزارة السياحة على مجانية الشواطئ، فإن مجموعات غير قانونية فرضت منطقها على المصطافين بإجبارهم على دفع مبالغ مقابل ركن سياراتهم أو الاستفادة من مظلة شمسية وطاولة مقابل 1500 دج، في حين أن سعر المظلة لا يتجاوز 50 دج، هذا ما يدفعني للتوجه إلى الجارة تونس" وبين أراء سميرة وإبراهيم وغيرهم من المواطنين تضاربت الآراء لتؤكد بذلك الآراء و التعليقات أن الجزائر تتمتع بأماكن سياحية جد رائعة وللأسف تعاني الإهمال من طرف الدولة، " فالبرغم من الأمن والاستقرار الذي تعيشه البلد غير أن استغلال الوضع أصبح مفقود " إلى جانب سوء الاستقبال والأسعار الباهظة والمرتفعة الثمن في المنتجعات السياحية الموجودة عبر مختلف ولايات الجزائر، مشيرين بذلك أن موسم الاصطياف هذا سيشهد هجرة جماعية للجزائريين في أغلب مناطق العالم.