تنطلق اليوم رسميا المشاورات السياسية التي أقرها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، مع الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية، حيث يشرع عبد القادر بن صالح المكلف بالمهمة رفقة مساعديه وهما الجنرال تواتي والمستشار محمد بوغازي بسبر أغوار الطبقة السياسية والشخصيات حول أرائها ومقترحاتها بشأن تعديل الدستور والقوانين المنظمة للممارسة السياسية. دخلت الحياة السياسية في الجزائر مرحلة على جانب كبير من الأهمية، تتعلق في جوهرها بالتجسيد الفعلي للخطاب الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية يوم 15 افريل للأمة واتخاذه قرارا يقضي بمباشرة إصلاحات سياسية عميقة من شأنها تجذير الممارسة الديمقراطية وتكريس الحريات الأساسية، الفردية والجماعية ومنها حرية التعبير، وترقية حقوق الإنسان، وإشراك المواطن في الحياة العامة وتسيير الشأن العام، والفصل بين السلطات وتحديد علاقاتها الوظيفية وصلاحيات كل مؤسسة جمهورية ومجال اختصاصها، وفتح المجال أمام تكافؤ الفرص بين الجزائريين ومنه الانتقال السلمي للسلطة. الخطاب الذي لقي ترحيبا من قبل الشركاء السياسيين والفاعلين المهتمين، وكانت له أصداء إيجابية في بعض العواصم الدولية الكبرى ومنها على الأخص واشنطن وباريس ولندن، تم تدعيمه من قبل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بخارطة طريق محددة وواضحة في اجتماع مجلس الوزراء المنعقد يوم 2 ماي من الشهر الجاري، حيث كشف الرئيس عن رزنامة الإصلاحات وفصل في جملة من الاعتراضات التي حملتها الطبقة السياسية، وفي هذا السياق تم إقرار مراجعة القوانين العضوية المتعلقة بالنظام الانتخابي والأحزاب والجمعيات وحالات التنافي ومشاركة المرأة في الحياة السياسية وقانون الإعلام والإشهار، إضافة إلى قانون الولاية ليكونوا جاهزين خلال الدورة الخريفية للبرلمان أي في أجل لا يتجاوز سبتمبر القادم، كما حرص الرئيس بوتفليقة بنفس المناسبة على التأكيد أن الانتخابات القادمة ستجرى في ظل القوانين الجديدة، في حين حاول إيجاد مخرج توافقي بين دعاة حل البرلمان الحالي وبين المطالبين بالإبقاء عليه، وذلك من خلال حرمان البرلمان الحالي من مناقشة الدستور الجديد ومنحه للبرلمان الذي سينبثق عن تشريعيات 2012، وقد كان لهذا القرار علاوة على تحديد سقف وأجال الإصلاحات، أثار إيجابية على الشركاء السياسيين، إذ خلق جوا من الطمأنينة والثقة في جدية المسعى. النقطة الأخرى التي ميزت خارطة الطريق المرسومة لعبد القادر بن صالح وفريقه المساعد تتمثل في تعميق المشاورات وتوسيعها لتشمل الأحزاب المعتمدة والشخصيات الوطنية والرؤساء السابقين ورؤساء الحكومات السابقين وكذلك النشطاء المهتمين بالشأن السياسي. المشاورات التي ستستمر إلى مطلع السنة القادمة، من المرتقب أن تنعش الحياة السياسية وترقي النقاش السياسي والإعلامي وتضع حدا للجمود الذي طبع المشهد في السنوات الأخيرة، خاصة وأن أغلب التيارات الحزبية والشخصيات الوطنية أعربت عن مشاركتها بفعالية في المشاورات، في حين يبقى كل من الأفافاس والأرسيدي متمسكسن بمواقفهما ورؤيتهما للتغيير وآلياته وأهدافه.