حسب كاميرات التلفزيون والتقارير الصحفية الواردة من باكستان، فإن هذا البلد يقع على حافة " الإنهيار " لأن الإنفجار يبدو أنه قد حصل وانتهى. ولا يمكن للمحللين النبهاء أن يغفلوا الدور الخارجي في عدم استقرار باكستان. تكفي الإشارة فقط إلى اعترافات الرئيس الباكستاني المستقيل " برويز مشرف " الذي قال في كتاب أصدره قبل سنة من الآن : " إن الرئيس الأمريكي جورج بوش هدده بإعادة باكستان إلى العصر الحجري إذا لم يتحالف مع أمريكا في محاربة الإرهاب ". وتحالف مشرف مع بوش، وحاربوا القاعدة في أفغانستان .. والنتيجة نمو أعمال عنف في أوساط القبائل الباكستانية، وظهور " طالبان باكستان " ، وما إلى ذلك من تفجيرات وأعمال عنف. ومؤخرا استقال مشرف بعد إصرار على البقاء في الحكم .. استقال لأن واشنطن رفعت يدها عن حليفها، حيث قالت إن ّ ذلك شأن باكستاني داخلي " وفهم مشرف أنه لم يعد مرغوبا فيه. وفعلت أمريكا هكذا حتى مع شاه إيران، الذي كان أحد حلفائها، فبعد سقوطه، رفضت حتى منحه اللجوء السياسي، ويعاني رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس نفس الوضعية حاليا. وباكستان التي نتحدث عنها ليست مثل فلسطين، أو أفغانستان، إنها دولة نووية، مثل جارتها الهند تماما. لكن في الوقت الذي تنعم فيه الهند بالاستقرار، فإن الدولة المسلمة النووية تشهد اضطرابات لا نظير لها. وإذا سار " ضعف الحكومة المركزية " في باكستان بوتيرة سريعة مثلما يبدو، فإن الأمور ستصل إلى " تحييد " السلاح النووي الباكستاني ربما بوضعه تحت إشراف دولي أي أمريكي طبعا وبشكل كلي. وأعلن خليفة مشرف وأرمل بنازير بوتو السيد زرداري أنه سيتحالف مع أمريكا في مواصلة محاربة الإرهاب، وقد بارك له تعهده حليف واشنطن في كابول حميد قرضاي هذا التوجه. وهكذا يبدو أن الهم الباكستاني لم يعد سوى التحالف مع أمريكا في محاربة الإرهاب حتى لو كان خارج باكستان، وحتى لو كان مفهوم الإرهاب لدى واشنطن غامضا وهلاميا وحتى لو تم اللجوء إلى القوة العسكرية دون غيرها من الوسائل. فمخرا صدر كتاب عن مؤسسة راند ، من تأليف سيث جومز ومارتن ليبيكي ، عنوانه " كيف تنتهي التنظيمات الإرهابية : دروس في مواجهة القاعدة ". يقول فيه المؤلفان أن أمريكا انتهجت عدة أساليب في مواجهة الإرهاب بين 1968 و 2006 ، منها الإستخبارات أو الشرطة المحلية، أو تسويات هذه الجامعات مع حكوماتها. ويتساءلان عن سبب تركيز واشنطن على القوة العسكرية فقط في حربها مع القاعدة ؟ وإذا سار زرداري في نفس سياسة مشرف، فلا أحد يضمن له أن لن يصل إلى نفس النتيجة. إنه درس باكستاني للجميع..