أكد أسقف الجزائر السابق هنري تيسي أن الكنيسة بين أيدي الجزائريين، معتبرا أن مصير الكنيسة مرهون باعتراف الجزائريين بها، ومن جهته دعا أسقف الجزائر الجديد غالب بدر إلى اعتبار الكنيسة الجزائرية جزءا من الجزائر، داعيا إلى ضرورة تشارك المسيحيين والمسلمين في خدمة الجزائر وبنائها، معتبرا أن مبادرة وزارة الشؤون الدينية إلى تكريم الأسقف السابق هنري تيسي تترجم احترام الجزائر للكنيسة. أشرف أمس وزير الشؤون الدينية والأوقاف بدار الإمام بالمحمدية على تكريم أسقف الجزائر السابق هنري تيسي الذي انتهت مهامه قبل أشهر، وفي كلمة ألقها بالمناسبة، دعا وزير الشؤون الدينية والأوقاف إلى ضرورة العمل المشترك مع الكنيسة من أجل دحر كل الحركات الفكرية التي تدفع الناس نحو الصراع، مشيدا بالدور الذي لعبته الكنيسة الكاثوليكية تحت رئاسة أسقفها الأسبق الكاردينال دوفال خلال وقوفها إلى جانب الشعب الجزائري ضد المستعمر الفرنسي ودفاعها عن حقه في الحرية والاستقلال والكرامة، معتبرا أن الأسقف السابق للجزائر هنري تيسي قد سار على نفس النهج الذي وضعه الكاردينال دوفال وقال غلام الله مشيدا بتيسي الذي عرف بنضاله في سبيل خدمة حوار الحضارات " نحن اليوم بين رجلين كبيرين من رجال الكنيسة في الجزائر هنري تيسي والكاردينال دوفال الذي تميز بموقفه الإيجابي والمعروف بتغييره لنظرة الجزائريين للكنيسة... وهو النهج الذي استمر عليه تيسي". وأوضح المتحدث أن تيسي إذا كان قد تنحى عن وظيفته من حيث هو أسقف للجزائر، فإنه لم يتنح من الجانب الروحي عن دوره الإنساني مؤكدا أنه سيبقى دائما في الجزائر وبجانب الجزائريين ليواصل نضاله من أجل المباديء التي طالما دعا إليها. ومن جهته، أكد هنري تيسي الذي نزلت دموعه خلال الكلمة التي ألقها أن الجزائر في وقت مهم جدا خاصة وأنه سيتم بعد أسبوع من الآن تنظيم الفوروم الكاثوليكي الإسلامي الذي سينعقد بروما تلبية لدعوة المسيحيين، والجزائر لها دور كبير ومسؤولية في تنظيم هذا اللقاء. وبعد أن ركز على الصداقة التي جمعت مسؤولي الكنيسة بالمسؤولين الجزائريين أكد تيسي أن مستقبل الكنيسة في الجزائري مرهون بيد الجزائريين، وبتقبل المجتمع الجزائري لها، قائلا"مصير الكنيسة بين أيدي الجزائريين، لأن ليس لنا مصيرا إلا إذا أحسسنا أننا مقبولون من طرف المجتمع الجزائري. واعتبر تيسي أن حفلة تكريمه هي أكبر دليل على قبول الجزائريين للكنيسة. أما الأسقف غالب بدر ذي الجنسية الأردنية الذي تم تنصيبه مؤخرا بدلا عن هنري تيسي، فقد أشاد بالعلاقة الطيبة التي بناها تيسي مع الإسلام والمسؤولين الجزائريين واعدا بمواصلة العمل على هذا النهج، وقال غالب " نحن شركا لكم نتشارك في الهم والبناء وبذل الجهود لخدمة الجزائر. ودعا غالب إلى ضرورة اعتبار الكنيسة جزءا من الجزائريين معتبرا أن تكريم تيسي هو تكريم أيضا للكنيسة الجزائرية. ومن جهته رحب عبد الرحمان شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين بأسقف الجزائر الجديد متمنيا لتيسي مواصلة مسيرته، كما أشار إلى أن الجزائر بعد الاستقلال كانت أشبه بمحيط و الكنيسة جزيرة من هذا المحيط، أما رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بوعمران الشيخ فقد أشاد في كلمة مقتضبة بمواقف تيسي واصفا إياه باللبق والدبلوماسي والذكي متمنيا أن يقدم دعمه وخبرته لدعم الأسقف الجديد. وتجدر افشارة إلى أن الحفل قد تميز بحضور عدد من الشخصيات الجزائرية على رأسها عبد الرحمان شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين، وبوعمران الشيخ رئيس المجلس الإسلامي الأعلى وسفير الفاتيكان بالجزائر، وعبد الرزاق بارة مستشار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، والمهتم بمجال حقوق الإنسان، إلى جانب أمين الزاوي مدير المكتبة الوطنية وعدد من المسيحيين في الجزائر، وقد انتهى هذا الحفل بمنح تيسي برنوسا جزائريا يحمل الكثير من الدلالة على رأسها أن الجزائر تعتبر تيسي مواطنا وليس مجرد أسقف سابق.