يبدي شعب الجبارين حصانة تاريخية خارقة ضد أشكال العبودية وسياسات التهويد، ويتمتّع باستماتة مشهودة ضد الأيديولوجية الصهيونية وممارسات الاحتلال العنصرية من تهجير وحصار ومن تدمير بربريّ. برغم الأخطاء والعثرات طيلة مسيرة النضال قبل النكبة عام 1948 وبعدها، وبرغم الخيانات والتضحيات بعد تأسيس حركة فتح ثم منظمة التحرير الفلسطينية بمختلف الفصائل، ومع الفترات العصيبة كأحداث أيلول الأسود حققت المقاومة إنجازات معتبرة منذ معركة الكرامة والعمليات الفدائية داخل فلسطينالمحتلة ومن جنوب لبنان وحتى الصمود الكبير في 88 يوما ببيروت.. برغم الخروج عادت القضية لتكون على واجهة الحدث الدولي الأبرز لسنوات طويلة ضمن صراع ظل يٌعرف بالصراع العربي الإسرائيلي.. عادت فلسطين في انتفاضة أولى ثم ثانية ضاعفت التضحيات وتضاعف معها التكالب الإسرائيلي والقمع الهمجي والاعتقالات ولتظهر حركة من الداخل بدأت تغيّر المعادلة هي حركة حماس. وأمام الشد والجذب بتقاطع مصالح دول الطوق مع حركات داخل منظمة التحرير وحتى باللجوء إلى خيار التفاوض السرّي في أوسلو ثم في أنابوليس لم يفقد هذا الشعب حسّه الباطني اليقظ وجذوته المشتعلة في الأعماق بمقاومة مشروع الاحتلال بكافة الأشكال وبإبداع أساليب تقف سدّا منيعا في طريق التهويد والضمّ وفي وجه الحصار والإذلال الذي لا يفتأ هذا الكيان الصهيوني يمارسه يوميا ضمن إستراتيجية مدروسة هدفها كسر إرادة هذا الشعب وهدر إمكانات صموده وقهر رغبته في الحياة والدفاع عن حقوقه وهويته الوطنية. يبدي هذا الشعب الفلسطيني في غزة كما في مدن رام الله والخليل، حيفا، نابلس وأريحة قدرة أسطورية على مناهضة الاحتلال وسياسته الاستعبادية وبمختلف فئاته، لا فرق بين شاب وشيخ أو امرأة وطفل.. إصرار متفجّر على فلسطين حتى ولو كنت من "عرب 48" لا فرق.. يُقبل هذا الشعب على الحياة رغم الركام والدمار ورغم الخراب والدماء والدموع.. يقبل فيعود الأطفال إلى مدارسهم ولو تحت الخيام أو ما تبقى من المدارس أو ما يشبه المدارس.. يقبل هؤلاء على الحياة لأن على هذه الأرض ما يستحق الحياة.. أما بعد: "شعب يقرأ..شعب لا يستعبد أو يموت.."