في البداية يؤكد الدكتور محمد الطبطبائى، عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، أنه إن وجد الأكفأ الذي يرى في نفسه القيام بهذا الواجب ألا ينافسه الآخرون، وألا يكون الترشيح مقصوداً به السعي لنيل منصب دنيوي في المقام الأول، ويحرم عليه تقديم رشاوى لشراء الأصوات، كما يحرم على الناخبين أخذها أيضاً، سواء أكانت مباشرة أو غير مباشرة، مستدلاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "لعن الله الراشي والمرتشي والرائش الذي يمشى بينهما".. ومن هنا فالراشي والمرتشي ملعونان. أما الدكتور عجيل النشمي عميد كلية الشريعة سابقاً فيرى أن الصوت شهادة وتزكية وأمانة والشهادة لها مكانة خاصة في الشريعة الإسلامية والقانون، فيجب وضعها في موضعها، ولكي يتجرد صاحب الشهادة من أي غرض فإنه لا يجوز شرعاً أن يأخذ المسلم أجراً على هذه الشهادة، وإن كانت شهادة حق، ويأثم إن كتم شهادة الحق والعدل التي يترتب عليها إنصاف لمظلوم قال تعالى: "وأقيموا الشهادة لله" (الطلاق:2) وقال تعالى: "ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه".(البقرة:283) ولا يجوز للمسلم أو المسلمة أن يشهد إلا بحق فلا يعطي صوته وشهادته إلا لمن يعرفه معرفة واضحة، ومن أعطاها مقابل مال، فإنها تعد شهادة زور يحاسب عليها صاحبها. ويقول فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث: إن المشاركة الانتخابية واجب شرعي، وأن الأمة تختار من يمثلها للقيام بحق الشعب والوطن، وعلى الناس أن ينتخبوا من يرفع المصلحة العليا أولاً، فإن لم يوجد مثل هذا الصنف، فيختار أفضلهم، من باب نشر الخير، ودفع الضرر، وهذا الحكم مبني على القاعدة الشرعية المعروفة وهي (اختيار أخف الضررين). ويرى الدكتور عبد الرحيم السايح الأستاذ بجامعة الأزهر أن الأصل في العملية الانتخابية هو الاختيار المبني على الوعي وعلى فهم طبيعة المرشح واتجاهه، ولا بد من توعية الناخبين بذلك؛ حتى تكون العملية الانتخابية وسيلة ناجحة ومؤدية إلى الهدف المنشود؛ ولذلك لا يجوز شراء الأصوات؛ إذ فيها إهدار لرأي الناخب، وأيضا تزييف في ذات العملية الانتخابية. كما يرى الدكتور أن الانتخاب على أساس القبلية والتعصب للمرشح دون ضوابط حاكمة يعد ضرباً من الخطأ، وعلى المسلم في عملية الاقتراع أو غيرها ألا يتعصب إلا للحق، ولا ينحاز إلا للعدل، وأن يكون قواماً لله بشهادته، فيختار لأمته أفضل من يمثلها، ولو لم يكن قريباً له، ويتجنب اختيار من يسيء تمثيلها وإن كان أقرب إليه وأحبهم إلى نفسه، مستدلاً بقوله تعالى: "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون" (8 المائدة).