أجّل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قراره الخاص بتقرير القاضي ريتشارد غولدستون المتعلق بالحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، وذلك للدورة القادمة التي تبدأ شهر مارس المقبل· وكان من المفترض أن يصدر القرار الجمعة، لكن الوفد الفلسطيني طلب التأجيل بناء على ضغوط أمريكية وروسية، وذلك طبقا لما ذكرته مصادر إعلامية· وذكر مصدر إعلامي أن الفلسطينيين يرفضون في الوقت نفسه القول بسحب التقرير، ''وإنما ترحيله للدورة القادمة للمجلس المقررة في مارس القادم''· كما أشار المصدر ذاته إلى ضغوط أمريكية مورست على الفلسطينيين لسحب القرار، ونقل عن فلسطينيين بجنيف أن الأمريكيين تذرعوا بأنهم يعدون لمشروع سلام بالمنطقة، وأن إقرار التقرير من شأنه أن يعطل هذا المشروع· ونقل المصدر ذاته عن العديد من منظمات حقوق الإنسان استياءها الكبير من الموقف الفلسطيني، حيث اتهمت تلك المنظمات الولاياتالمتحدة بتسييس التقرير، وأنها نجحت مرة أخرى بإنقاذ إسرائيل· وقالت المنظمات الحقوقية إن من شأن هذا التقرير لو تم إقراره أن يشكل أداة لملاحقة المسؤولين الإسرائيليين المدنيين والعسكريين، قضائيا لدى توجههم لأي دولة بالعالم· وأضاف ''نحن لا نريد الاستعجال أو القفز في الهواء، حتى لا ينتهي المطاف بالتقرير كما انتهت إليه تقارير سابقة''، مؤكدا تثمين السلطة الفلسطينية لمهنية وموضوعية وحيادية تقرير غولدستون· وفي إشارة إلى الضغوط الأمريكية، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن خريشة قوله ''نحن لا نريد أن نضع العقبات أمامهم''، في إشارة إلى تحذيرات من واشنطن بتعثر عملية السلام· وبدورها كشفت مصادر اعلامية أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تلقى خلال اليومين الأخيرين اتصالين من وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي دعته إلى عدم الموافقة على ما جاء في التقرير بدعوى أنه ''سيعمق الفجوة التي قل اتساعها مؤخرا مع الإسرائيليين''· وحسب المصادر فإن عباس تعرض لضغوط شديدة من رئيس حكومة تصريف الأعمال سلام فياض لدفعه للموافقة على سحب الإقرار الفلسطيني الذي يعني اعتماد التقرير وبدء الإجراءات العملية لتنفيذ توصياته· ووفقا للمصادر فإن فياض تذرع بالوضع الاقتصادي وإمكانية عرقلة عمل شركة اتصالات فلسطينية جديدة واستغلال إسرائيل والإدارة الأمريكية للموافقة الفلسطينية على التقرير بغية التراجع عن تعهدات بالعمل على تسوية سلمية للصراع· غير أن رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات نفى أن تكون السلطة طلبت سحب القرار· ومن جهته اعتبر دكتور غسان الخطيب مدير المركز الإعلامي الحكومي الفلسطيني تأجيل القرار مخيبا للآمال بالنسبة للفلسطينيين سواء كانوا مسؤولين أو على المستوى الشعبي· ونفى الخطيب أن تكون السلطة الوطنية طلبت تأجيل القرار، وإنما الأطراف الصديقة التي تتعاون مع الجانب الفلسطيني هي التي ارتأت أن من المصلحة تأجيل التصويت· وقال إنه لا يستبعد وجود ضغوط لكنها لم تكن مقتصرة على الجانب الفلسطيني فقط وإنما على الأطراف الأخرى· ولكن أمين سر المجلس التشريعي الفلسطيني محمود الرمحي نفى أن تكون الدول العربية طلبت التأجيل، مؤكدا أن من طلب تأجيل التصويت هو السلطة الفلسطينية· وكانت صحيفة ''هآرتس'' الإسرائيلية قد قالت مساء أمس إن السلطة الفلسطينية قررت سحب دعمها لمشروع القرار· واشترطت إسرائيل مؤخرا سحب السلطة الفلسطينية موافقتها على التقرير الذي يدين إسرائيل بارتكاب جرائم حرب أثناء حربها بغزة، مقابل السماح لشركة اتصالات فلسطينية جديدة بالعمل وإعطائها الترددات اللازمة·