المشكلة الحاصلة في جبهة التحرير هذه الأيام تعكس الصورة التي أصبح عليها الفعل السياسي في البلاد.. فالأحزاب التي قبلت بمبدإ المشاركة في السلطة وليس الأحزاب الموصلة للسلطة فقدت طبيعة وجودها السياسي.. وأصبح وجودها فقط شكليا هيكليا! لهذا أصبح الصراع داخل هذه الأحزاب لا يتم حول الأفكار والتوجهات.. بل يتم فقط حول الكراسي والمناصب في الحزب وفي الوظائف الموصلة لأجهزة الدولة ومؤسساتها! وبتعبير أدق أصبح النضال في هذه الأحزاب يتم بالطوابع الاشتراكية! أي أن المناضل لا يطلب منه ماذا يقدم للحزب من أفكار.. بل يطلب منه فقط ماذا يقدم للحزب من "تنابر"!؟ فأصبح الذين يحملون الأفكار في الحزب لا قيمة لهم أمام الذين يحملون " التنابر"! والمضحك فعلا أن المناضل الحق أصبح هو الذي باستطاعته أن يدفع كل اشتراكاته.. وليس المناضل ذلك ذلك الذي يضيف للحزب جديدا على مستوى الأفكار! لهذا السبب نلاحظ أن "مناضلي التنابر" أصبحوا هم الأغلبية وهم الذين يقررون مصير الحزب! بل ويمارسون النضال بواسطة الانقلابات التصحيحية والانقلابات المضادة! ومادام النضال ب"التنابر" قد أقصى من الحزب النضال بالأفكار فقد أصبح أصحاب الأموال من رجال الأعمال والسراق هم الذين يقررون أمور الصفوة الحزبية التي تقود الحزب أو تترشح باسمه لتولي المناصب في الدولة! وعندما يتحالف المال مع الرداءة في أي حزب فالنتيجة تكون بالتأكيد هي عدم الانضباط والقلاقل غير السياسية.. ويكون الحزب أرضية خصبة لنمو الأعشاب النضالية الضارة مثل الانتهازية والجهوية والإمعية..! ما يحدث في الآفة هذه الأيام يعد من الأمور الهينة بالنظر إلى ما قام به بلخادم من تصحر سياسي في هذا الحزب على مدى السنوات الأخيرة! ولكم أن تتساءلوا: كيف لم يستطع حزب مناضلي "التنابر" في الآفة تسيير حزبهم ويستطيعون تسيير شؤون بلد بحجم الجزائر؟! إنها المفارقة العجيبة في جزائر العجائب!