أجمع أمس المشاركون في إحياء الذكرى السادسة والخمسين لاندلاع الثورة التحريرية بدار الإمام، على أن الثورة انطلقت من المسجد وبشحنة دينية، وهو ما أكده بيان أول نوفمبر، ومن ثم من واجب الخطاب المسجدي الآن الحفاظ على روح الثورة والوطنية التي تريد منها الفتاوى التكفيرية التحطيم والانكسار، حسب ما أدلى به لزهاري مستاري مدير الشؤون الدينية للعاصمة، مؤكدا أنه من واجب هؤلاء شحن روح القيم الوطنية عبر منابرهم. شدد مدير الشؤون الدينية والأوقاف بالعاصمة، لزهاري مستاري، أمس، على ضرورة التزام الأئمة بتوجيهات وزير الشؤون الدينية والأوقاف، بوعبد الله غلام الله، والقاضية بضرورة مساهمة المسجد في الحفاظ على الذاكرة الوطنية وصيانتها، لا سيما ما تعلق بإنجازات الثورة. وفي سياق حديثه كشف المتحدث أن الوزارة ألزمت أئمة المساجد بتخصيص الخطابة للروح الوطنية طيلة الأيام التي تتزامن وبطولات تاريخ الجزائر، خاصة تاريخ 1 نوفمبر و5 جويلية لما لهما من دلالة قدسية في تاريخ الجزائر، كما دعا الأئمة بمناسبة حضورهم ندوة بعنوان “واجب حماية الذاكرة التاريخية لثورة نوفمبر الخالدة ودور المساجد في الحفاظ عليها والعمل بها”، إلى مواصلة التصدي للفتاوى التكفيرية الواردة من الخارج والتي تهدف إلى الانتقاص من الروح الوطنية، مبرزا في نفس السياق أنه كان للمسجد في الجزائر دور كبير في ثورة البناء والتشييد عقب الاستقلال، لا سيما ما تعلق بمحو آثار المسيحية. من جهة أخرى أبرز المؤرخ بشير محمد، من جامعة الجزائر، أن الاستعمار الفرنسي هو استدمار ديني، ومن ثم وجب على المسجد نشر قيم الثورة بكل اعتزاز، وبعيدا عن الفتاوى الغربية التي تكفر هذا المسعى، وحجته في ذلك أن الكثير من العمليات الثورية الكبرى خطط لها من داخل المساجد، خاصة تلك العمليات التي كان يقودها كل من الشهيد ديدوش مراد ومحمد بوضياف وأحمد محساس وغيرهم، وذهب إلى أبعد من ذلك حين قال إن بيان أول نوفمبر أقر الشحنة الدينية للثورة المجيدة من خلال تأكيده على أن من بين أهداف الثورة التحريرية هي بناء دولة جزائرية مستقلة ديمقراطية واجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية. وفي نفس السياق، قال الضابط والدبلوماسي السابق، رابح مشحود، إن الثورة الجزائرية وملاحمها صالحة لكل مكان وزمان، ولما كانت كذلك فإن الفتاوى الخارجية التي تجرم الإشادة بها ونقلها لدى أجيال المسجد عبر الخطاب الديني ماهي إلا أداة يحركها الطمع والهلع من القوى الاستعمارية القديمة.