قدم الدكتور عبد الله حمادي الباحث وأستاذ الأدب العربي بجامعة الإخوة متنوري بقسنطينة، في أول محاضرة له ضمن سلسلة “أعلام قسنطينة عبر التاريخ”، شهادات بعض العرب الرحالة الذين مروا على المدينة واستوقفهم سحرها فخلدوها في كتاباتهم وإصداراتهم، حيث أشار إلى أن كل من تناول هذه المدينة في أعماله أقرّ بالحصانة المنيعة التي تتمتع بها هذه المدينة، خاصة أنها تتضمن وجود ثلاث مميزات مطبوعة داخلها منذ الأزل تتمثل في الجسر، بوابة المدخل، والأنهار. كشف حمادي، خلال هذا اللقاء، الذي تناول النصوص الأدبية والنثرية التي ذكرت فيها عاصمة الشرق الجزائري، أن الرحالة العربي الإدريسي هو أول من أطلق عليها اسم مدينة الهواء. وقد أفصح المتحدث عن الافتقار للمادة التاريخية الضرورية والوثائق التي تذكر هوية قسنطينة التي تصف ما قبل عهد يوغرطا إلى الفتوحات الإسلامية وبداية العهد الإسلامي، مشيرا في سياق حديثه إلى أن الوقائع المجهولة تحتاج إلى علماء الآثار لتدقيق المعلومات التاريخية. وتحدث الدكتور بإسهاب عن ذاكرة النصوص التراثية لمؤرخي الوطن، خاصة منهم الشيخ احمد بن العطار، الذي يملك كتاب مهم ومخطوطات خارج الوطن تم إعادة طبعه من طرفه وهو كتاب” تاريخ بلد قسنطينة”، بالإضافة إلى الشيخ المفتي المولود بن الموهوب المؤسس لنادي صالح باي 1914 الذي يعد مصلحا وله علاقة كبيرة بالدين والانفتاح على الغرب. وسلط المتحدث الضوء على المعارك الفكرية التي جمعت بينه وبين العلامة عبد الحميد بن باديس وطريقة الإصلاح المتميزة لكليهما، كما فند استدلالا بالنصوص المكتوبة إلى فرضية أن قسطنطين هو من أنشا المدينة، مؤكدا إلى أن هذا الأخير قام بتجديد عروشها وأركانها أما حقيقتها، فتشير إلى أنها بنيت في عهد سيدنا إبراهيم وعاد، قائلا إنها لم تطفأ لها نار وم تدخل قهرا، وهو ما ذكر في كتابات الأمير عبد القادر في “تحفة الزائر”، التي ربط أصلها بقبائل كتامة مرورا بالفينيقيين وملوك الشام واحتمال أن البونيين حرّفوا اسم قيرطا، فيما امتعض من ضياع عدة كتب هامة أوبقائها قيد الحبس تذكر الكثير من الحقائق والوقائع، على غرار كتاب “تاريخ قسنطينة “ لمصطفى بن جلول، وكتاب” نزهة الحادي” لبوراس المعسكري ولأبي الحسن الهروي وغيرهم. في سياق آخر، أكد المتحدث أنّ في ديوان “رحلة بن خلدون”، التي قادته من بجاية إلى بلاد الأندلس، ذكر بن خلدون في إحدى النصوص قائلا: “تركت أبنائي عند أخوالهم في قسنطينة”، وهو ما يشير - حسبه - إلى أن شق من فكر بن خلدون أخذ من قسنطينة.