ماذا يحدث في سوريا؟! وهل نصدق ما تتداوله وسائل الإعلام التي انتقدناها على عدم مهنيتها وعلى تآمرها على الأنظمة العربية؟! النظام السوري مخطئ، ليس فقط في طريقة تعامله مع انتفاضة الشارع السوري، بل مخطئ أيضا لأنه أوصد الأبواب أمام الإعلام المهني، غير المتحيز لينقل الصورة الحقيقية لما يجري في سوريا. فليفتح الأسد الباب أمام الإعلام لينقل بحرية ما يجري في الشارع السوري، ربما ستكون الصورة مختلفة عن تلك الصورة القاتمة التي يرسلها "شاهد عيان" من قلب سوريا وهي بأي حال من الأحوال قاتمة ومروعة. فنحن هنا في الجزائر نحاول التعامل مع هذه القضية بحذر، حتى لا نسقط في فخ البروباغندا الانقلابية التي تخوضها بعض الفضائيات، لكن منع دخول الصحفيين إلى سوريا إلا أولئك الذين يتبناهم النظام السوري وسفاراته في العالم العربي، لا يخدم القضية، بل ستعطى الكلمة لجهة واحدة، تلك التي نتجرعها بمرارة يوميا عبر الفضائيات، ونقف مجبرين من جهتنا إلى جانب شعب مقموع، لأن ما ينشره الإعلام الرسمي السوري مضحك وغير مقنع، بل يورط أكثر النظام بدلا من أن يبرئه. على الأسد أن يفتح الباب أمام إعلام مهني، حتى يتمكن العالم من الحكم على ما يدور في سوريا، لأنه بهذه الطريقة سيجني على بلاده ويجلب إليها مآس مثلما فعل القذافي، فنحن لا نعرف ماذا يدور على الأرض بدقة ومن هي التيارات التي تحرك الشارع السوري، ومن يقف، أو بالأحرى من يستغل مصائب الشعب السوري المتعطش للحرية؟؟ ما حدث للسفير الأمريكي بسوريا، روبرت فورد، الذي لاقوه الأسبوع الماضي في دمشق بوابل من البيض والطماطم، يدل على أن الشعب السوري، مع أو ضد "الثورة"، تفطن للمؤامرة، لكن يبقى هذا حكم نسبي في غياب إعلام محايد ينقل الصورة بدقة. وعلى ذكر روبرت فورد، فهو من أخطر الدبلوماسيين الأمريكان، وحيثما مر ترك بصمات سوداء، فقد كان حاضرا في أزمة الجزائر سنوات التسعينيات، وعاد إليها منذ بضع سنوات سفيرا، وفي وقته برز ما يعرف بالنزاع على موقع أفريكوم في منطقة الساحل، كما أنه في العراق كان أول من نصح الحكومة العراقية بشنق المعارضة في العراق وكل عناصر المقاومة التي يتم القبض عليها في الساحات العمومية حتى يكون عبرة للآخرين... مستعدون لنقل صورة حقيقية لما يحدث في سوريا، إذا ما سمح لنا بالدخول بعيدا عن الطرق الرسمية.