بعد نهاية مسرحية موجعة، بقينا خلالها رغما عنا في مقاعدنا تقيدا بقيمة أخلاقية تقضي مواصلة متابعة العمل مهما كان، نعود إلى مقاعد طونطوفيل ونقول: ”ليس مهما.. المهم هذا اللقاء، المهم هذه الخرجة التي كسرت روتين أيامنا.” ولا نتذمر، ولا نطالب بحقوقنا الفنية في مشاهدة أعمال لا تخرب ذائقتنا، فقط نتسامح ونعتبر اللقاء مع الناس مع المكان في حد ذاته انجازا عظيما. متناسين أننا بهذا نشجع هذه الرداءة التي تأكل كل مجالات الفن في الجزائر، وأنهم هؤلاء المشرفين على تظاهراتنا الفنية سيواصلون سيرتهم في الاعتماد على أناس أكدوا فشلهم وخراب رؤيتهم الإخراجية. إننا بهذا نساند التيارات الخاطئة والتي تقفز على وعينا وعلى أموال وزارتنا-الثقافة- ونتركهم لأهوائهم يلعبون بذائقتنا كما يشاؤون، في حين نرضى نحن بمقاعد طونطوفيل وكأنها أقصى ما يمكن أن يفعله المرء في هذا البلد، بل ويتوق غليه كل عام، يتوق إلى نادل لا يأت وإلى شاي ثقيل جدا مسكوب في كؤوس مكسورة الحواف، وإلى صديق في مهنة الصحافة أو في هم الكتابة في الغالب ما يبدأ تحيته بشكوى، ومع ذلك ”نتوحش” ذلك لاننا في أيامنا العادية لا نلتقي ولا يوجد مكان جميل يجمعنا.. في ظل كل هذا ننسى العرض.. وننسى بن قطاف الغائب الذي لا يريد تقديم استقالته حتى يموت بهدوء..