فشلت أحزاب التيار الإسلامي، مجددا، في جمع شتاتها وتوحيد صفوفها، لتحقيق “النصر الموعود”، تيمّنا بما عرفته بعض الدول العربية، وتجاوز الإخفاق في صفوف الإسلاميين إلى باقي تشكيلات المعارضة، التي كان يحلم رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري بتزعمها وقيادة “ثورة التغيير”. لا تزال حالة الغموض تطبع المشهد السياسي في البلاد قبل أشهر معدودة من رئاسيات 2014 التي كانت تتحمس لها المعارضة وعلى رأسها الأحزاب الإسلامية، بعد الواقع الذي فرضه مرض وغياب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، باستثناء “الطلات” النادرة له على شاشة التلفزيون، كما كان الحال مؤخرا مع قائد أركان الجيش، الفريق قايد صالح، والوزير الأول عبد المالك سلال، ليطمئن الجزائريون بأن رئيسهم بخير، خاصة مع عدم قدرته على فك عقدة مجلس الوزراء المعلق منذ أشهر، رغم أن الجميع كان يعتبره حتمية. وفي وقت كان فيه الجميع ينتظرون نتائج المشاورات السياسية التي أعلنت عنها حركة مجتمع السلم منذ أشهر، بعد طلاقها “البائن” مع النظام، خاصة وأن مقري وعد بلم شمل أبناء الشيخ محفوظ نحناح، وتجميع صفوف كل الإسلاميين بما في ذلك حزب الشيخ عبد الله جاب الله، الذي حمّلته بعض الأطراف مسؤولية فشل وحدة الإسلاميين في التشريعات الماضية بعد رفضه دخول تكتل الجزائر الخضراء، تفاجأ الجميع بالصمت وعدم الحديث عن ما آل إليه ملف المشاورات الموعودة من مقري، الذي وعد بالتفتح على جميع التيارات بما فيها العلمانية، ما يوحي بتبخر الفكرة وفشلها في مهدها، خاصة وأن أصحاب المبادرة وعدوا بتقديم نتائج هذه المشاورات بعد شهر رمضان. وتوقعت عدة أطراف فشل المشاورات الحزبية التي رغب رئيس حمس في قيادتها، مع إعلان أكبر أحزاب المعارضة منذ البداية أنها غير معنية بالمبادرة، على غرار حزب العمال، الذي وجه كل جهوده لتعبئة المواطنين ضد ما أسماه ب”الخطر الأجنبي الذي يتربص بالجزائر”، ورفض الخوض في مطالب المعارضة كتفعيل المادة 88، كما فندت جبهة القوى الاشتراكية وجود أي اتصالات مع أي من الأحزاب للتشاور حول متطلبات المرحلة المقبلة، وأكدت أن موقفها مؤجل إلى حين تتبلور الرؤى. وفي السياق ذاته أكد عضو المكتب الوطني لحزب العدالة والتنمية، في اتصال مع “الفجر”، النائب لخضر بن خلاف، في رده على سؤال حول سير المشاورات السياسية، أنها “غير موجودة حاليا وهي مجرد حكايات فارغة لم تسجل حضورها إلا عبر وسائل الإعلام”، مضيفا أن لقاء واحدا فقط جمع بين رئيس الحزب عبد الله جاب الله ونظيره في حركة مجتمع السلم، بعد مؤتمر الشيخ محفوظ نحناح، مشددا على أنهم لحد الساعة لم يطلعوا على الوثيقة التي أعلنت عنها حركة حمس. من جهتها، ذكرت مصادر من تكتل الجزائر الخضراء، طلبت عدم ذكر أسمائها، أن هناك تنسيقا بين التكتل الأخضر بقيادة حركة مجتمع السلم، وبعض الأحزاب الأخرى كجبهة التغيير، واعتبرت حزب العدالة والتنمية بقيادة عبد الله جاب الله، حالة شاذة لا يقاس عليها، لأن “جاب الله ظل على الدوام حجر عثرة في طريق وحدة الإسلاميين”، وتابع في رده على سؤال حول الأحزاب التي تجري بينها المشاورات حاليا، رفض مصدرنا الإجابة واكتفى بالقول أن التنسيق جار مع مجموعة من الشخصيات الوطنية، مؤكدا أنه لا تواصل مع حزب العمال، ولا جبهة القوى الاشتراكية، مشيرا إلى أنه من غير المستبعد أن يتحالف هذان الأخيرين بما يخدم السلطة بعد أن منحتهما امتيازات على رأسها رفع الكوطة في البرلمان.