بات من الواضح الآن أن أمريكا وحليفاتها في الغرب تقود حربا حقيقية على المشرق، وتريده أن يبقى بؤرة دائمة للصراع والقتل والدمار. ويبقى بذلك ليس فقط سوقا للسلاح، بل أيضا مصدرا للثروات بأبخس الأثمان، فهي لا تريد لشعوبه أن تبني دولا حقيقية، وديمقراطيات يكون لشعوبها فيها الكلمة الفصل، بل لا تريد لمنطقتنا شعوبنا واعية يمكن أن تقف يوما في طريق أطماعها. إنها حرب عالمية جديدة يقودها الغرب الغارق في مشاكله المالية وفي مشاكل مجتمعاته الاستهلاكية وسلعه الكاسدة، على المشرق الغني بثرواته، الفقير للحكمة ولأنظمة تحميه من أطماع الغرب وتتصدى لاستراتيجيات التدمير التي تقودها ضده. وإلا كيف نفسر ما يقوم به الطيران الأمريكي والبريطاني في كل من سورياوالعراق؟ فأمس تحدثت تقارير إعلامية، نقلا عن رئيس لجنة الدفاع في البرلمان العراقي، بأن الجيش العراقي أسقط طائرتين بريطانيتين في الأنبار، كانتا تقومان بإلقاء السلاح على مواقع داعش. وحسب رئيس اللجنة، فإنه تصل يوميا إلى البرلمان رسائل من مواطنين عراقيين تكشف تورط طائرات أمريكية في عمليات مماثلة في الأنبار وجهات أخرى من العراق. قرأت أمس تعليقا على زيارة أمير قطر إلى أمريكا يقول إن قطروأمريكا مصممتان على محاربة داعش!؟ أليس في هذا الخبر ضحك على الذقون، أليست قطر هي من مولت ووضعت آلتها الإعلامية تحت تصرف الدواعش وقبلها القاعدة، إذ كان بن لادن في كل مرة يمرر رسائله الإجرامية عبر القناة القطرية؟ أليست قطر وجزيرتها من ثارت ثائرتها لأن جيش السيسي ضرب مواقع لداعش؟ كل التقارير الإعلامية خلال السنوات الماضية تحدثت عن تورط الإمارة في تسليح المعارضة في سوريا وليبيا. وقال شلقم في كتابه الأخير الذي تحدث فيه عن المؤامرة على ليبيا، إن الأمير تميم قبل توليه الحكم قال له بعظمة لسانه إن قطر صرفت 3 ملايير دولار على ليبيا، وبالتالي لن تسمح وتنسحب من ليبيا. كيف لأمريكا التي كان رئيسها يردد في كل مرة أن أمريكا لا تريد القضاء على داعش، فقط تحد من انتشارها، تأتي اليوم وتكذب على العالم بأنها وقطر تتفقان على القضاء على داعش؟ أين الجامعة العربية من كل هذه المهازل؟ إلى متى التلاعب بمصير شعوب المنطقة؟ كيف لا تكشف هذه المؤامرات الدنيئة علينا وعلى مستقبل أوطاننا؟ أمريكا وحليفاتها لا تريد أن تخوض ضدنا حروبا تقليدية لتدميرنا، فهي وهروبا من ملامة الرأي الداخلي لشعوبها ومناهضة مثقفيها لهذه المشاريع الدنيئة، صارت تستهدفنا بطرق ملتوية، بنشر هذه الأوبئة الفتاكة فينا، تسلحها وتضمن لها الدعاية لنشر الرعب في النفوس، وهكذا تسيطر على حكامنا وعلى قراراتنا، وتسمح لنفسها بحجة ملاحقة الإرهاب أن تتدخل في بلداننا وقتما شاءت. أمريكا تريد للعراق أن يغرق في حرب استنزاف مع داعش وقبلها القاعدة، ولا تريد الأمان لشعبه حتى لا ينهض من رماده وينبعث من جديد. أليس لهذا قتلت رفقة الموساد ما لا يقل عن ألف عالم من نوابغ علمائه؟ تقتل العلماء وكل من له مشروع لبناء عراق قوي، وتدعم آلة الشر التي اسمها داعش، لتأتي على الأخضر واليابس في العراق، وفي سوريا وليبيا وحيثما وجدت ثروات، ووجد شعبا أبيا قال يوما ما لا لأمريكا ولا لإسرائيل. إنها حرب دمار شامل ونحن غافلون عن حقيقتها؟!