خرجت الكثير من العائلات الجزائرية عبر عديد ولايات الوطن لاستقبال فصل الربيع، بعادات وتقاليد موروثة تعبر عن السعادة التي يشعر بها الإنسان بعد انقضاء موسم البرد ودخول فصل يعبر الابتهاج والفرح، ورمز للألوان الذي تجسده النسوة في لباسهن التقليدي الذي يقصدن به الأماكن الطبيعية بشكل جماعي. لا يخلو اليوم الأول من الربيع من الاحتفالات التقليدية لدى الجزائريين، خاصة بالمناطق الداخلية التي تبقى محافظة على عادات قديمة بخلاف المدن. كما تختلف طرق الاحتفال التي تكون خاصة بالنساء والأطفال من منطقة لأخرى، فناحية بني ورتيلان بولاية سطيف تتفق فيها النسوة على موعد اليوم الذي يخرجن فيه إلى المساحات الخضراء، فقد يكون أول يوم من أيام فصل الربيع غائما مثلما حدث السنة الجارية، ليكون اليوم الموالي هو موعد الخروج رفقة أطفالهن وكبيرات السن مصطحبات سلالا يحملها الأطفال تحتوي حلويات تقليدية مثل ”لمبرجة”. تتجه النسوة جماعات إلى الأراضي الخاصة بالعائلة، والتي تتوفر عليها أغلب العائلات الريفية، ويفترشن زرابي وغيرها من مستلزمات النزهة من الفترة الصباحية إلى ما بعد الظهيرة، ليستمتعن بدفء الجو وإشراقة الشمس، وسط النباتات البرية المزهرة، ويستبشرن بأزهار ثمار أشجار مزارعهن التي تعتبر الذخيرة والدعم الأول لاكتفاء العائلة الغذائي. كما يعتبر الخروج إلى الطبيعة في اليوم الأول من فصل الربيع لدى سكان بني ورتلان تفاؤلا بأيام أطول، خاصة أن فصل الشتاء يلقي بقساوته على المنطقة الجبلية ذات التضاريس الوعرة.. ففصل البرد تمكث فيه النسوة طوال أيامه داخل البيت، مهتمات بأشغال الأسرة فقط، فحتى زيارة الأهل صعبة، خاصة بعد أن تغلق الثلوج الطرق، ما جعل أول يوم من فصل الربيع إشراقة على النفس التي تعبت من اضطرابات المناخ وبرودة الجو. تصطحب جماعات النسوة كذلك حاملات الأكل التي تبقي الطعام ساخنا بعد توفر الوسائل والمعدات الحديثة، ويكثرن من أخذ الحلويات والفواكه الجافة التي تكون متوفرة في البيت. لتتبادل كل واحدة منهن ما أحضرته مع الأخريات بعد افتراشهن الأرض. وما يشعر بالبهجة هو ارتداؤهن اللباس التقليدي القبائلي المتميز بكثرة الألوان المستوحاة من الطبيعة أساسا، كذلك السلال والأطباق التي تصنع من اليد وتتوفر في كل المنازل. والجميل من النزهة الربيعية هو عودة الأطفال إلى بيوتهم بسلالهم المليئة بالثمار البرية الغذائية، ناهيك عن الأزهار التي يشع لونها فصل الربيع التي تتزين بها الغرف والصالونات، مثل زهر ”أززو” ذي اللون الأصفر المشع ولمسه يعطي شكل غبرة في اليد ورائحة زكية، تجلبها الفتيات تفاؤلا بأيام مشرقة.