هذه الأماكن التي تعج بفئة الشباب تجدهم يهرعون منذ الساعات الباكرة من كل يوم لصقل الحجارة التي أخذت تنهب أمام الجهات المحلية التي التزمت وقفة المتفرج متناسية خطورة هذه الظاهرة على حياة السكان وحتى على هذه المناطق المهددة في المستقبل القريب من خلال النهب العشوائي للحجارة بطريقة فوضوية وغير قانونية، والتي تستعمل حاليا في بناء المنازل وتزيين واجهات المساكن العائلية• وكانت هذه الظاهرة قد تسببت العام الفارط في مقتل أحد المواطنين من منطقة ايت سعيد ناهيك عن المخاطر الصحية التي تخلفها لدى العائلات التي تملك أطفالا صغارا من خلال ضيق التنفس الى جانب إدخال العديد من هؤلاء الى المراكز الاستشفائية بالولاية بسبب وعكات صحية سببها إصابة الجهاز التنفسي• وكان العديد من الشباب الممتهنين لحرفة صقل الحجارة بايفيغا قد اكدوا في تصريح ل"الفجر" أنهم مجبرون في الأيام المقبلة على الزحف نحو الشريط الغابي المجاور للمنطقة بعد زوال المخزون القديم للحجارة، مستعملين في ذلك جرارات فلاحية لنقل هذه المادة التي يقومون بعرضها فيما بعد على حافة الطريق العمومي بمبالغ تتراوح بين 2000دج و2500 دج للمتر الواحد وبما يعادل 150دج لكيس بسعة 25 كلغ من مسحوق مادة الحجارة التي يتم بعده خلطها بالاسمنت خلال عملية البناء والتزيين، وأضاف من تحدثنا إليهم أن البطالة هي السبب الأول الذي رمى بهم الى هذا العمل المملوء بالمخاطر وهم الذين يستنشقون يوميا مادة اكسيد السلسيوم الخطيرة جراء الغبار المتطاير خلال صقل الحجارة والأخطر من كل هذا فإن هؤلاء يعملون في ظل غياب أدنى شروط الوقاية من قفازات، ما يدفعهم الى وضع مناديل على أفوافهم لتفادي استنشاقهم الكبير للغبار المتطاير أثناء صقل الحجارة والذي تسبب في إصابة العديد من أصحاب هذه المهنة بعد سنوات من الخدمة بمرض بنوموكونيوز وكذا السل المقاوم• وقد ازدادت معاناة هؤلاء الشباب والممتهنين حرفة صقل الحجارة في السنوات الأخيرة باعتبارها الملاذ الوحيد ولا خيار ثاني لهؤلاء لكسب لقمة عيشهم فهم لا يبالون بحجم المخاطر التي تحدق بهم رغم أنهم غير مؤمنين اجتماعيا فهم اليوم يلبون - حسبهم - حاجيات العديد من العائلات التي تتوافد من داخل تيزي وزو وحتى من خارجها لاقتناء هذه المادة لاسيما تلك الميسورة الحال وأغلبهم مغتربون قصد تزيين منازلهم على وجه الخصوص• وإن اعتبرت بعض الجهات أن الأماكن التي تصقل فيها الحجارة بمنطقة افيغا ملكية خاصة لا تستدعى تدخل الجهات المعنية فإن محافظة الغابات بتيزي وزو تسعى جاهدة الى وضع حد لمثل هذه النشاطات المهددة لصحة الإنسان والبيئة على حد سواء من خلال التدخل السريع لأعوان شرطة الغابات لكن فقط على الأشرطة الغابية العمومية وما دون ذلك يعد خارجا عن القانون ويشترط أن تتولى أمره ما يسمى بشرطة المناجم التابعة للوكالة الوطنية لحماية وترقية الثروة المنجمية التي ظهرت الى الوجود مؤخرا• كما أنه من الواجب على السلطات المعنية الإكثار من تنظيم الملتقيات الجهوية والوطنية وحتى الدولية لإبراز مخاطر ظاهرة صقل الحجارة التي حذرت منها المنظمة العالمية للصحة منذ 10 سنوات في تقرير لها بضرورة إعادة النظر في الظروف التي تمارس فيها هذه المهنة التي وصفت اليوم بالكارثية، في ظل غياب الرقابة الصحية والإمكانات المادية، ما دفع بالممارسين لها إلى توجيه نداء عاجل للسلطات المحلية قصد التدخل العاجل لحمايتهم من مختلف المخاطر، في الوقت الذي لا يشكل - حسبهم - ما يقومون به اي خطر على البيئة بسبب البنية الجيولوجية للكتل الصخرية التي تتوفر عليها منطقة افيغا التي تحتل موقعا استراتيجيا هاما بولاية تيزي وزو، وكانت ولاية باتنة قد احتضنت شهر أفريل الفارط الملتقى الوطني الأول حول مرض السيليكوز، حيث دعا المشاركون الى ضرورة تقنين مهنة صقل الحجارة مع توفير الشروط الملائمة للحرفيين الى انتظارهم القانون الخاص الذي يحميهم من مخاطر هذه المهنة، وهذا بإشراك وزارتي الصحة والضمان الاجتماعي•