"الضربات عشوائية لا تفرق بين السكنات والمدارس وحتى المستشفيات" حطت، ليلة أول أمس، وبعد انتظار طويل، بمطار هواري بومدين الدولي، طائرة على متنها خمس عائلات جزائرية تم إجلاؤها من قطاع غزة، جراء العدوان الصهيوني المتواصل للأسبوع الرابع على التوالي، حيث امتزجت فرحتها بدخول الجزائر، مع حزن عميق لما يجري لإخوانهم في غزة، وما عايشوه من دمار ومجازر بشعة. العائلات الخمس مكونة من خمس نساء وسبعة عشر طفلا، أصغرهم طفلة عمرها شهرين، مقيمة كلها بمدينة رفح، ويعمل أزواجهن في سلك الشرطة ومختلف القوى الأمنية الفلسطينية التي تلقت تكوينها بالجزائر، حيث روت بمرارة وحرقة شديدتين الوضع المأساوي في غزة. وحكت امرأة من مدينة باتنة استشهد زوجها في القصف المباغت للمقرات الأمنية في أول أيام العدوان، إضافة إلى العشرات من زملائه، حيث قالت "الكلمات تعجز عن وصف الوضع، فلا ماء ولا صرف صحي والكهرباء أصبحت من الأحلام والغاز الطبيعي كذلك، حتى أن رغيف الخبز صار يطهى بطرق بدائية، فإسرائيل أرجعتهم أربعين سنة إلى الوراء، والغالبية صارت تعيش على الخضر والحشيش، فالوضع الإنساني كارثي ينذر بمجاعة وكارثة إنسانية، خاصة جراء استمرار الحصار ونفاد المساعدات الإنسانية" . وعن القصف والدمار، تضيف السيدة رحماني من مدينة سيق، أن "الأمر يصعب تخيله، فالضربات عشوائية لا تفرق بين مجمع سكني، مدرسة، مسجد وحتى المستشفيات والمسعفون لم يسلموا من الهمجية الصهيونية، ولم يفرقوا بين هدف مدني وعسكري، أطفالا ونساء، أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، وحتى مدارس الوكالة الأممية لغوث اللاجئين "الأونروا" لم تسلم هي الأخرى من همجية الصهاينة". وأوضحت المتحدثة بحسرة كبيرة "إن الدمار الرهيب الذي لحق بالبيوت شرد المئات من السكان ومنهم من نزح في اتجاهات مختلفة هروبا من البطش الوحشي الصهيوني". وأفادت إحدى النسوة أنها لم تتمكن من مغادرة بيتها منذ بدء العدوان، أي منذ أكثر من عشرين يوما، حيث واجهت ظروفا مزرية هي وأطفالها خلال هذه المدة، خاصة بعد رفض السلطات المصرية مغادرتهم عبر معبر رفح رفقة أزواجهم واشترطت أن يتم نقلهم إلى الجزائر، لكن دون أزواجهم الفلسطينيين، كما أن العائلات الجزائرية المتواجدة بغزة لم تتمكن حتى من الوصول إلى مدينة رفح جراء القصف المكثف من البر والبحر والجو، حيث لاتزال الاتصالات جارية لتمكين هذه العائلات وعددها عشر من دخول الجزائر. وكان في استقبال العائلات الخمس بمطار هواري بومدين الدولي، وزير التضامن الوطني والجالية الجزائرية بالخارج، جمال ولد عباس، الذي أكد أن هذه العائلات من الممكن الإبقاء عليها في الجزائر، لكن أزواجهم حاليا لا يمكن أن يلتحقوا بهم، وقال إن الجزائر كانت السباقة إلى إرسال المساعدات إلى سكان غزة وكذلك في استقبال العائلات النازحة، إضافة إلى أنها ستكون أول من يبعث بتبرعات الدم إلى المستشفيات في غزة، حيث تم أمس إرسال ألفي كيس دم انطلاقا من مطار بوفاريك العسكري إلى مطار العريش في مصر، ومعها خمسة أطباء، حيث أن هناك جهودا لإيصالها إلى مستشفيات غزة في أقرب وقت ممكن، كما أن الجزائر مستعدة لاستقبال عدد من الجرحى الفلسطينيين في المستشفيات الجزائرية خلال الأيام القادمة حال ما تسمح الظروف.