إسرائيل تنسحب بوتيرة سريعة من قطاع غزة على غير عادتها في سياساتها الإستيطانية، فهي لا تريد أن تحرج أوباما بحرب غزة، خاصة وأن الرئيس الجديد يتمتع بشعبية كبيرة في العالم بانتهاجه نهج التغيير الذي كان شعاره في الحملة الانتخابية، في إشارة إلى تغيير سياسة بوش التي شوهت صورة الولاياتالمتحدةالأمريكية. ولذلك عمدت الإدارة الأمريكية إلى تنقية أو محاولة غلق كل الملفات التي فتحها بوش قبل مجيء أوباما في محاولة لتنظيف صورة البلاد المتسخة بأفعال بوش، فوقعت الاتفاقية الأمنية مع العراق التي أقرت انسحابا جزئيا تدريجيا من البلد، وبدأت بتسريح بعض معتقلي غوانتانامو وطالبت أوربا بفتح سجون لهم في القارة كتمهيد لوصول أوباما إلى الحكم والذي أعلن عزمه غلق المعتقل. وبالطبع، إسرائيل وبعد أن استغلت فترة بوش أحسن استغلال، بدءا بإزالة أكبر خطر كان يهددها وهو العراق، ومحاولة نزع سلاح حزب الله التي باءت بالفشل، ها هي اليوم تسارع إلى الانسحاب من غزة وقد اغتنمت آخر لحظات حكم بوش بالعدوان على غزة ووقعت اتفاق أمني مع واشنطن لمحاولة إزالة حكم حماس وهي تعمل على استكمال الانسحاب من غزة في نفس يوم تنصيب أوباما. لكن، لماذا كل هذا الحرص الإسرائيلي على الحفاظ على شعبية أوباما وعدم إحراجه بالحرب؟ لابد أن تل أبيب تود الاستفادة من هذه الشعبية في قضايا تهمها، لأن السياسة الأمريكية بطبيعة الحال لن تتغير مهما تغير الرؤساء، فاللوبي الصهيوني هو الصانع الحقيقي للاستراتيجيات الأمريكية، ولا بأس أن تبدأ تل أبيب اليوم الانسحاب حفاظا على صورة أوباما السلمية لعلها تستخدمها أيضا في تنفيذ مخططاتها.