شاطئ مفتوح للأغنياء والفقراء، وتسامح لا يخل ب "شرف القبيلة" يعد شاطئ تيشي بولاية بجاية من أشهر الشواطئ وطنيا وأكثرها استقطابا للمصطافين تبعا لإنفتاحه على عدة ولايات وموقعه الإستراتيجي وخاصيته الطبيعية والخدمات التي يقدمها لرواده أمنيا وصحيا و إطعاما وإيواء بيد أن واقعه لا يعكس بالضرورة شهرته فالنقائص ماتزال والطريق طويل أمام المسؤولين للوصول به إلى مستوى شاطئ نموذجي يضاهي شواطئ الجيران. قررنا النزول إليه والقيام بجولة طويلة فوق رماله وبين مرافقه وفي صفوف حشود مرتاد يه لنقل صورة حية عن واقعه معاينة فساحل مدينة تيشي يحوز 05 شواطئ كبيرة كلها مفتوحة للسباحة ومحروسة وهي تاغزويت حي بن سعيد وتيشي مركز وتيشي ملعب والحماديين انطلقنا من هذا الأخير الذي أخذ تسميته من اسم الفندق المطل عليه وجدنا معظم مرتاديه من أبناء الطبقات الميسورة والمهاجرين الذين وضع الفندق تحت تصرفهم للكراء مظلات وكراسي بثمن يتراوح بين 150 و300دج ومطعم ومرشات ومركز للحماية المدنية من 03 أفراد يراقبون بحذر المصطافين داخل البحر وحدها فتاة في العشرينيات من العمر كانت تقرأ كتابا تحت أشعة الشمس في وقت غرق الآخرون في البحر وفي الرمل، هنأنا المثقفة النشاز بين هذا الحشد وواصلنا المسير قبل أن يستوقفنا البعض ليشتكي من نقص نظافة ماء البحر ورمال الشاطئ وهو الهاجس الذي بدأ يكبر ونقف عليه كلما تقدم بنا المسير نحو باقي الشواطئ فقارورات الماء والنفايات متناثرة . نقص مجمعات القمامة يقلق...المصطافين هنا وهناك وكان المهاجرون أكثر سخطا وشعورا بها ورغم أن المصالح المختلطة وضعت حاويات قمامة بكم معتبر عند مدخل كل شاطئ وجندت مئات الأعوان لتنظيف الشواطئ كل صباح إلا أن الظاهرة تتكرر والمحيط يشوه وفيما ترى مديرية السياحة وبعض الأعوان الأمن بعين المكان أن المصطافين مسؤولون بالدرجة الأولى عن الوضع لأنهم يتركون نفاياتهم وبقايا مستعملاتهم بالشاطئ عندما ينصرفون وقليل منهم يضعها في الحاويات المخصصة عندما يهم بالخروج يرى بعض المصطافين أن المسؤولية مشتركة فتنظيف الشاطئ لا يتم بوتيرة حسنة بدليل وجود نفايات تمكث في أماكنها لأيام كما أن وضع الحاويات بعيدة عن المصطافين ينسي هؤلاء وجودها بل كثير منهم لا ينتبه إليها أصلا وماء البحر لا يختلف كثيرا عن رمله وإن تفاوت من منطقة لأخرى. وجوه المصطافين رجالا ونساء تباينت بتباين مناطق الجزائر ولهذا شدنا الفضول لنسأل الكثير منهم عن ولاياتهم فاتضح أن الشاطئ جزائر مصغرة من تيسمسيلت إلى العاصمة والأغواط وبسكرة وورقلة وعنابة وقسنطينة وسطيف والبرج وباتنة وبشار والبويرة وبومرداس وغيرها لا سيما وأن هذا الموسم تزامن وتنظيم مهرجان جوة الذي حضرته 48 ولاية لكنك لا تشعر بهذه الفروق ...الإختلاط في البر والبحر وربما هو أحد الأمكنة التي يمرح فيها الفقير مع الغني بالنشوة ذاتها وابن المدينة مع إبن الريف وصاحبة الخمار مع صاحبة المايوه والملتحي مع الحليق وهما يغطسان في حوض واحد وإن تباينت ألبستهم أشكالا وألوانا...عندما توغلنا أكثر في الحشد البشري سارع نحونا شباب يعرض كراء المستلزمات فبادرنا بالسؤال عن ثمنها فقالوا ثمن الخيمة الصغيرة 600 دج وثمن المظلة والكرسي 200 دج ودفعا لالحاحهم على الكراء كشفنا عن مهمتنا الاعلامية لكنهم وبدل تركنا نمضي استوقفونا لطرح مشاكلهم فقال أحدهم أنا من السطارة (جيجل) وأتمنى أن تكتبوا عنها فالتنمية ناقصة والمشاكل كثيرة بينما التمس آخر نقل مشاكله الشخصية مع العدالة حيث يطالب برد الاعتبار ولا مال له لتوكيل محام.. أجواء عائلية لا مثيل لها... بين الخيمة والثانية والمظلة والأخرى تبدو لك الأسرة الجزائرية في عفويتها وبساطتها وعشقها للتعايش والتسامح.. فتلك عجوز تحرس الخيمة والمتاع وأبناؤها وبناتها في اليم.. وأخرى تشاركهم بقندورتها السباحة وذاك أب يحرس شرف القبيلة (الأسرة) وآخر يفوض الأمر لزوجته ويرافق أبناءه البحر وهذه ترضع رضيعها والأخرى تعلم طفلها السباحة على الظهر وجمع من الشباب يستحضر النكت وآخرون يطلقون العنان لاعينهم لتحدق في صفاء البحر وجمال من فيه ونعومة الرمل وجمال من استلقى فوقه وبين هؤلاء وهؤلاء يفترش آخرون الرمل لتأدية الصلاة وآخرون لتناول الوجبات وكثير منهم يفترشون الرمل لأجسادهم. هدوء البحر يغريك بالقيام بجولة فوق عنانه عبر بواخر الترفيه ودراجات الماء التي سخرتها الفنادق وبعض الخواص للكراء اقتربنا من أصحابها للاستفسار عن الأسعار فصدمنا عندما علمنا ان ثمن ساعة بالبحر فوق الدراجة المائية 06 آلاف دج وهو السعر ذاته لاستئجار غرفة بالحماديين مع ضمان الايواء والاطعام لذلك قل عدد قاصدي الدراجات مقارنة بالجرارات المائية التي تقدم الخدمة ب 400 دج للساعة وفيما اكتفت جل العائلات بتوفير العجلات والأسماك والطيور البلاستيكية لضمان طفو أبنائها فوق الماء أثناء السباحة استأجر بعضها هذه الجرارات ما بين ساعة ونصف ساعة. ولم يفوت الجميع فرصة أخذ الصور واللقطات التذكارية بالهواتف النقالة وآلات التصوير وعلى مستوى رصيف الشاطئ فتحت مطاعم كثيرة تخضع لرقابة صارمة أمنيا وصحيا وتقدم وجبات ساخنة لمرتاديها ممن لم يحضروا معهم الزاد كنا نعتقد أن الأسعار خيالية لكننا فوجئنا بانخفاضها في ظل وجود المنافسة اذ لا يتعدى سعر طبق من السمك 140 دج وهو في متناول الجميع مقارنة بالأسعار المطبقة خارج الشاطئ مقابل هذا اشتكى لنا أصحاب المطاعم من ارتفاع أسعار كراء الفضاءات التي تصل الى 50 ألف دينار للموسم وقالوا ان الاقبال هذا الموسم ضعيف ورمضان قادم بأخذ جزءا منه لذلك كان حريا بالجهات الوصية مراجعة الأسعار هذا العام. وعلى الرغم من أن مديرية السياحة تؤكد أن بيع الوجبات على الشاطئ بدون ترخيص ممنوع بتاتا الا أننا وجدنا شبابا وسط المصطافين يبيعون سندويتشات فوق طاولات منصوبة لهذا الغرض أو داخل أكياس ب 50 دج للسندويتش لا ندري مابداخله وآخرون يطوقون لبيع الشاي والأكلات الشعبية دون خوف من أي رقابة. نقص التنشيط الترفيهي فضاءات الترفيه تكاد تنعدم ولا أثر حتى للفرق الفنية المتنقلة عادة بين المصطافين بشكل فردي أو جماعي لكن ثمة مبادرة قامت بها مؤسسة جيلات عندما نظمت دورة في كرة القدم على الشاطئ وانجزت ملعبا ووزعت أقمصة على الراغبين في المشاركة وحسب منظميها فإن الدورة مجانية ومفتوحة للجميع وتنظم تباعا بشواطئ غرب ووسط وشرق البلاد على شكل كرافان. آخر محطة كانت مركز الشرطة الذين وجدناهم باللباس البحري الأبيض مجندين بالدراجات ووسائل التدخل وبعد أن هنأناهم على عيدهم العالمي الذي صادف يوم 22 جويلية أكدوا أن الأمن مستتب ولم يسجلوا أي حادثة اعتداء أو سرقة منذ بداية الموسم وقدموا عرضا موجزا عن طريق عملهم وعلى الرغم من أن شاطئ تيشي ما تزال به مناطق شاغرة يمكن ان تنجز بها مركبات سياحية ومايزال في حالة تطور الا أن رواده من مختلف الفئات عبروا عن اعجابهم به خاصة من الناحية الأمنية والطبيعية.