يسود غموض وحالة توجس في مالي وسط حديث عن تحضير أنصار الرئيس المطاح به أمادو توماني توري لهجوم مضاد على الانقلابيين، وقد اضطر قائد الانقلاب النقيب أمادو سانغو أمس إلى الظهور على التلفزيون لتكذيب أنباء عن مقتله. و سجلت وكالات أنباء، أمس، هدوء حذرا في العاصمة باماكو التي تجوب شوارعها عربات عسكرية، في وقت ظلت فيه المرافق العمومية موصدة الأبواب، بما فيها البنوك ومحطات الوقود الأمر الذي تسبب في أزمة سيولة وحركة. ووردت أنباء عن عمليات نهب وسرقة للسيارات والمحلات وعمليات إطلاق نار عشوائية، أمس، تماما كما حدث في اليوم الأول من الانقلاب. وإلى غاية مساء أمس ظل مصير الرئيس المطاح غامضا، وسط تضارب الأنباء عن تواجده بين أنصاره يحضر لهجوم مضاد، و تلميح الانقلابيين إلى القبض عليه بالقول انه بخير وفي أمان، وقد ظلت الحدود مغلقة شانها شأن المجال الجوي. ويواجه الانقلابيون العزلة المفروضة عليهم بالسيطرة على التلفزيون العمومي الذي واصل بث حصص موسيقى تقليدية، وكذا إعادة التدخلات السابقة للعسكريين التي تؤكد بأن كل شيء على ما يرام وتدعو المواطنين إلى القيام بأشغالهم بطريقة عادية. وحذر مراقبون من عواقب دخول مالي في مرحلة اضطراب وهو البلد الذي يعد من أكثر بلدان الغرب الإفريقي استقرارا، في وقت لم تبح العملية الانقلابية بكل أسرارها، عدا كون النقيب سانغو تلقى تدريبات في مكافحة الإرهاب على أيدي مشاة البحرية الأمريكية وعناصر وكالة الاستخبارات الأمريكية، وفق ما كشفته وكالة رويتررز فيما نقلت صحيفة الوشنطن بوست عن مسؤول عسكري قوله بأن أمادو حيا سانغو شارك في عدة دورات تدريبية بالجيش الامريكي. تدريبات لم يتأكد بعد إن كانت ستعني ولاء أطلسيا لحكام باموكو الجدد وطلاقا بائنا مع الصديق القديم..فرنسا. وتجهل الخطوات التي سيقوم بها النقيب ومن معه والتي ستكون بمثابة المؤشر الذي يكشف الأسباب الحقيقية للانقلاب في ظل عدم وضوح العقيدة السياسية لهؤلاء العساكر أو برنامجهم السياسي، عدا اتهامهم للرئيس توماني توري بالتقصير في محاربة حركة الأزواد وتنظيم القاعدة في الشمال. و يرى ملاحظون سياسيون، أنه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل تنظيم انتخابات رئاسية ذات مصداقية الشهر القادم كما كان مقررا، لتواجد أحزاب هامة في شمال البلاد الذي يوجد خارج سيطرة السلطات العسكرية وكذا نزوح آلاف الأشخاص بسبب الحرب الدائرة مع قوات الأزواد التي تواصل الزحف جنوبا، فضلا عن إدانة 12 تشكيلة سياسية مالية للانقلاب في موقف يضعف العسكريين في الداخل ويزيد على عزلتهم الخارجية عزلة داخلية، تدخل البلاد في مرحلة فراغ دستوري قد تطول وفي عزلة إقليمية ودولية.