دول كثيرة منها فرنسا و أمريكا و اليابان لجأت للقوة لتحرير الرهائن دفع إصرار و عزم المجموعة الإرهابية التي اختطفت 650 رهينة في منشأة للغاز بمنطقة تيقنتورين قرب إن أميناس بعناصر الجيش الوطني الشعبي إلى الرد بحزم و قوة، فقد أكد مصدر أمني أن القوات الخاصة الجزائرية حاولت منذ بداية العملية التوصل إلى حل سلمي ينتهي بالحفاظ على حياة الرهائن المخطوفين من عمال قاعدة الغاز التي تشرف عليها شركة سوناطراك مع شريكين أجنبيين هما بريتيش بتروليوم البريطانية و ستات أويل النرويجية. لكن عزم الإرهابيين و اصرارهم على تنفيذ مخططهم الدموي بأخذ الرهائن إلى خارج التراب الوطني لاستعمالهم كعملة مقايضة جعل الرد الحازم من القوات المسلحة الجزائرية هو الحل الوحيد المتبقي لحل الأزمة. الجزائر ظلت دائما على موقفها الرافض للإنصياح فيما يتعلق بكل اشكال الابتزاز التي تقوم بها الجماعات الإرهابية في عمليات خطف الرهائن و مهما كانت جنسية المخطوفين فإن الخاطفين على الدوام يحملون صفة الإرهابيين العنيفين فلا مجال للتعامل معهم إلا بالعنف و لا تجد السلطات فرصة للتحاور أو التفاوض و لا التساهل مع مسعاهم من خلال خطفهم الرهائن لفرض شروطهم و تحقيق أهدافهم. المواقف المبدئية للجزائر في حالات خطف الرهائن من الأجانب أو الجزائريين على حد سواء كانت دائما تعالج بنفس الطريقة فقد عمدت الجماعات الإسلامية المسلحة خلال عشرية التسعينات من القرن الماضي إلى القيام بعمليات خطف و احتجاز للمواطنين الأبرياء في قلب المدن الكبرى و على الدوام كان الرد واحدا : لا تفاوض و لا مساومة. مثل العملية التي نفذتها "الجيا" الجماعة الاسلامية المسلحة و التي تحولت فيما بعد الى الجماعة السلفية للدعوة و القتال و هي الآن تسمى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في حي سعيد حمدين بالجزائر العاصمة في منتصف التسعينات و قد كان الرد آنذاك مثل الرد الذي جرى أمس الأول في إن أميناس حيال جماعة نشأت على أنقاض "الجيا" و لكنها لم تفهم الدرس جيدا فراح ضحية همجيتها الإرهابية العشرات من الأبرياء من جزائريين و أجانب. الرد الحازم و بالقوة على الإرهابيين في حالات اختطاف الرهائن ليس ميزة جزائرية و لا تعبيرا عن نزعة لحل الازمات بالقوة لدى الجزائريين دون سواهم، فقد سلكت دول كثيرة نفس الطريقة لعلاج وضعيات معقدة نجمت عن نشاطات إرهابية و كانت فرنسا مثالا آخر في قضية خطف طائرة "الإيرباص" بمطار هواري بومدين من طرف "الجيا" نفسها في ليلة رأس السنة الميلادية 1995 و قد تم تحويل الطائرة و على متنها أكثر من مئتي راكب إلى مطار مرسيليا و طلب الخاطفون وقتها التحليق فوق باريس و هددوا بتفجيرها على برج إيفل و لكن القوات الخاصة للجندرمة الفرنسية "جي أي جي أن" اقتحمت الطائرة و قضت على الارهابيين و حررت بعض الرهائن. أسلوب آخر للتعاطي مع الحالات العصيبة لخطف الرهائن اعتمدته الفيدرالية الروسية و يتذكر الجميع كيف قامت القوات الخاصة الروسية بتحرير أطفال في مدرسة "بيسلان" اختطفهم مسلحون شيشان قبل بضعة أعوام و كيف تعاملت روسيا مع خاطفين و رهائن في أحد المسارح الموسكوفية. إسرائيل أيضا لم تتردد في مهاجمة طائرتها "العال" التي اختطفت في مطار عنتيبي بأوغندا في السبعينات من القرن الماضي و صارت العملية مفخرة للقوات الخاصة الاسرائيلية و لجهاز المخابرات الموساد و تم تصويرها على أنها عملية بطولية. اليابان ذاتها التي يوجد عدد من مواطنيها ضمن المخطوفين في إن أميناس تعاملت بقوة و حزم مع الجماعة الإرهابية "أوم شينري كيو" التي هاجمت مترو أنفاق طوكيو بغاز السارين القاتل عام 1995. و كذلك فعلت الكثير من الأنظمة التي تستخدم ما يصطلح عليه باحتكار القوة من طرف السلطة القائمة ممثلة في الدولة لحل ازمات رهائن كبيرة مثل التي حدثت في إن أميناس و الكل يتذكر مهاجمة الولاياتالمتحدة لطائفة الدافيديين في مدينة "واكو" و ردها على إرهابي أوكلاهوما، و لكن البعض يريد من الجزائر أن تتصرف بشكل غير الذي تفرضه الضرورة و يؤكده منطق الحالات الخاصة. ع.شابي