معركة بين الحمائم والصقور لقيادة إخوان الجزائر سلطاني طلب الإعفاء التام من المسؤولية تتوجه أنظار مناضلي حركة مجتمع السلم اليوم إلى القاعة البيضوية بمركب محمد بوضياف في العاصمة أين ينتظر انتخاب رئيس جديد للحركة خلفا للسيد أبو جرة سلطاني المنتهية ولايته وذلك في اليوم الثالث والأخير من أشغال المؤتمر الخامس للحزب الذي كانت أشغاله قد انطلقت يوم الخميس بمشاركة 1400 مندوب من كل ولايات الوطن. ويأتي انتخاب الرئيس الجديد ل '' حمس '' في آخر مرحلة من أشغال المؤتمر بعد فتح عمليات الترشح لهذا المنصب على مستوى مجلس الشورى الجديد في جلسة مغلقة يوم أمس الجمعة، وينتظر حسم المنافسة حسب ما يدور في الكواليس منذ فترة لصالح أحد القياديين البارزين في الحركة وهما النائب الحالي لرئيس الحركة عبد الرزاق مقري ذو التوجهات الراديكالية والمعروف بانتمائه لما يعرف بتيار '' الممانعة '' أو '' الصقور '' الذي دفع بالحركة إلى الخروج من الحكومة، ورئيس مجلس الشورى الوطني عبد الرحمن سعيدي المنتمي لتيار '' المشاركة '' أو '' تيار الحمائم '' الذي يرغب في البقاء قريبا من السلطة وهو التيار الذي يحاول من جهة أخرى الدفع نحو إبقاء أبو جرة سلطاني ضمن القيادة، من خلال محاولة إقناعه بالترشح لمنصب رئيس مجلس الشورى الوطني، وبين هذا وذاك يختلف كلا التيارين في الإجراءات المتعلقة بانتخاب رئيس الحركة، بين دعوة أنصار مقري لانتخاب الرئيس من طرف مندوبي المؤتمر، وبين الطريقة التي يراها أنصار سعيدي لإبقاء العملية داخل مجلس الشورى. وبغض النظر عن عدد المرشحين الذي ضمته هذه القائمة التي يتم تداول اسم وزير التجارة الأسبق الهاشمي جعبوب أيضا فيها فإن عمل الكواليس الذي بدأ منذ انطلاق أشغال المؤتمر هو الوحيد الكفيل بالحسم وترجيح الكفة لصلح أحد المترشحين باعتبار أن بقية المترشحين لن يكونوا في هذه المنافسة التي خلقها انسحاب أبو جرة من رئاسة الحركة سوى '' أرانب سباق '' حسب المتتبعين للشأن الداخلي الحمسي والذين يستبعدون حدوث عنصر المفاجأة بفوز مترشح آخر من خارج محيط '' الصقور والحمائم ''. وفي كلمة الافتتاح أشغال المؤتمر الخامس للحركة التي جاءت '' مطولة '' وكانت أشبه ما تكون ب '' خطبة وداع ''والتي ألقاها بعد الظهيرة عقب تداول ممثلي الوفود العربية والإسلامية وبعض الأحزاب الجزائرية على ميكروفون المنصة لتقديم كلماتهم البرتوكولية، طلب أبو جرة سلطاني، من مندوبي المؤتمر إعفاءه من كل المسؤوليات، بما يعني انه لا يرغب في تولي منصب رئيس مجلس الشورى الوطني الذي يسعى المناصرون لترشح رئيس المجلس الحالي عبد الرحمان سعيدي أن يضطلع به خلفا لهذا الأخير وقال ''إن التأخر عن رئاسة الحركة وقيادة مؤسساتها، بعد 10 سنوات من رئاستها، لا يعني إطلاقا التقاعد عن خدمة الوطن من مواقع أخرى''، مضيفا '' فإن كنت أحب حركة مجتمع السلم فإن حبي للجزائر أكبر ولئن كان إخواني قد شرفوني سنة 2003 برفعي فوق أكتافهم لأخدم وطني من موقع القيادة السياسية فإنني التمس منهم اليوم إكرامي بإعفاء كامل أجد فيه فرصة أكبر أتفرغ فيها لأخدم ما هو أوسع من الحركة''، معربا عن عزمه المساهمة في بناء جدار وطني يعصم ثوابتنا من التلاعب ويعزز انتماء الجزائر لأمازيغيتها وعروبتها ويحفظ وحدتها ويصون كرامة شعبها ويحمي ذاكرتها التاريخية وجدد بالمناسبة مطلب اعتراف فرنسا بجرائم ماضيها الاستعماري والتعويض عنها للشعب الجزائري ''. من جهة أخرى وبعد أن دافع على نجاحه في نقل الحركة إلى ما عبر عنه بتجاوز كاريزما الأشخاص، والاعتماد على كاريزما المؤسسات أعتبر سلطاني أن ذلك يعد أكبر عاصم لكل حزب سياسي من قواصم الاستبداد والرغبات الفالتة، وأشاد بالمناسبة بمساهمة '' حمس '' في استقرار الدولة وحماية الثوابت الوطنية من التطرف في الظروف الصعبة التي مرت بها الجزائر رغم ما أسماها ب '' الإكراهات" التي تعرضت لها، في إشارة للهزات التنظيمية التي تعرضت لها، وإصابة قيادة الحزب بالإحباط بما جنته من خيبات أمل إزاء مشاركتها في التحالف الرئاسي، وقال في هذا الصدد أنه يتحمل المسؤولية المعنوية شخصيا وكاملة عن كل ما حدث من سلبيات بين أوت 2003 وأفريل 2013 وبرر هذه الإخفاقات بأنها نتاج أن الحركة كانت ''محكومة بواجبات التضامن الحكومي والتزامات التحالف الرئاسي، فوقعنا، أحيانا، في الخطاب المزدوج، وفي حرج للتعامل مع المتناقضات، مبديا جاهزيته للمساءلة والحساب أمام هذا المؤتمر وأمام مؤسسات الحركة المخولة. على الحركة توسيع صفوفها وعلى الإسلاميين تأسيس ثقافة التعايش والتحالف واقترح سلطاني على حركة مجتمع السلم توسيع صفوفها، لتستوعب المزيد من الكفاءات الوطنية من الشباب والنساء والطلبة، داعيا بالمناسبة إلى العمل بجد على تحيين لوائحها وفتح هيكلتها وإعادة النظر في قانونها الأساسي لمواكبة الحراك المتسارع واستيعاب طموحات الشباب المتطلع نحو مستقبل افضل" بعيدا ما عبر عنه بانتهازية من يبحث عن الفرص ليركب موجة غضب الشباب واستثمارها سياسيا وأيديولوجيا، فيما دعا أبناء الجزائر للانخراط جميعا في مسعى التنمية لتحقيق الازدهار الاقتصادي والأمن الاجتماعي لاستكمال بناء دولة المواطنين، كما دعا سلطاني إلى دستور توافقي على مقاس الوطن. وفي موضوع آخر وبعد أن دعا بالشفاء العاجل والعودة القريبة للرئيس بوتفليقة أشاد سلطاني بكل ما أنجزه رئيس الجمهورية في مجال المصالحة الوطنية وقال أنه يمنح الرئيس بوتفليقة العلامة كاملة على نجاحه في تسديد المديونية الخارجية للبلاد، فيما اعتبر من جهة أخرى بان '' نظامنا السياسي قد فشل معنويا في الحوار الاجتماعي وفي التصدي للفساد والخطف والمخدرات وغيرها من القضايا التي استرسل في سردها''. على صعيد آخر حث رئيس الحركة التيارات الإسلامية على العمل من أجل "تأسيس ثقافة التعايش والتعاون والتحالف" وقال ان عليها أن تدرك أنها إذا لم تتداول على المسؤوليات داخل أحزابها فإنها لن تتداول عليها إذا استلمت الحكم".، وإثناء تطرقه إلى مشروع إعادة لم الشمل بين '' الإخوة الفرقاء '' لمح أبو جرة إلى ان المؤتمر هو من سيخرج بقرار في هذا الشأن. ع- أسابع حضور قوي لدعاة ورؤساء الأحزاب الإخوانية كانت مراسم افتتاح أشغال مؤتمر حركة حمس التي انطلقت صباح الخميس ودامت أكثر من خمس ساعات، محفلا أمميا لدعاة وقيادات حزبية من التيارات المقربة أو المحسوبة على تيار الإخوان المسلمين من بلدان عربية وإسلامية ومن بينها عدد لافت من قيادات حركتي حماس والجهاد وفتح الفلسطينية من بينهم مشير المصري وسامي أبو زهري وجمعية علماء فلسطين ومؤسسة القدس الدولية بلبنان إلى جانب سفير دولة فلسطين وقيادات من أحزاب النهضة التونسية وحزب العدالة والبناء من ليبيا وحزب تواصل من موريتانيا والعدالة والتنمية من وجماعة العدل والإحسان من المغرب وجبهة العمل وحزب الوسط من الأردن، وحزب السعادة التركي إضافة إلى ناشطين في الحقل الإسلامي ألمانيا وأمريكا وأكاديميين من السويد وإسبانيا وكندا وبريطاني. كما شهد المؤتمر، حضور قادة الأحزاب السياسية التي تنشط في إطار مجموعة الأحزاب الوطنية للدفاع عن الذاكرة والسيادة ، وأحزاب أخرى إلى جانب حضور رئيس الحكومة الأسبق بلعيد عبد السلام. وفيما تميز المؤتمر بحضور وزير التجارة مصطفى بن بادة كعضو مشارك رغم كون '' حمس '' سبق وأن تنصلت منه عقب قبوله البقاء في الحكومة خرقا لقرارات مجلس الشورى الذي أقر عدم المشاركة فيها، إلى جانب حضور رئيس جبهة التغيير عبد المجيد مناصرة الذي قوبل بترحاب كبير وتصفيقات حارة أثناء إلقائه كلمته قبل أن يكرمه أبو جرة، فقد غاب رئيسا الحزبين الآخرين المنشقين عن الحركة وهما عمار غول رئيس تجمع أمل الجزائر ومصطفى بلمهدي رئيس حركة البناء الوطني، غير أن هذا الأخير أوفد أحمد الدان، ممثلا له على خلاف غول. كما غاب عبد الله جاب الله رئيس جبهة العدالة والتنمية، رغم انتمائه للتيار الإسلامي وغابت الأسماء الثقيلة في قيادة الأفلان واقتصر حضور هذا الحزب على ممثل حركة التقويم والتأصيل عبد الكريم عبادة كما غاب قياديو الأرندي. للإشارة فإن الجلسة الافتتاحية للمؤتمر قد استهلت بتدخلات الضيوف لاسيما من الوفود العربية حيث تم التركيز فيها على ضرورة توحيد صفوف الأمة الإسلامية لمواجهات التحديات التي تمر بها، وهي الكلمات التي استقطب القضية الفلسطينية والأحداث في سوريا اهتمامات المتدخلين. ع.أسابع مناصرة: أتمنى أن تتحول الأماني في الوحدة إلى حقائق دعا عبد المجيد مناصرة الذي استقبل بحفاوة من قِبل مندوبي مؤتمر حمس إلى ''الجمع والجبر وترقيع الخلافات بين أبناء الحركة'' ملمحا بذلك إلى الجهود المبذولة من أجل الوحدة بين حركة '' حمس '' وحركة '' التغيير ''وخاطب المؤتمرين بقوله "الأمر بين أيدكم، أن تحولوا الأماني إلى قرارات والطموحات إلى سياسات والرغبات إلى حقائق"، مضيفا أنه "لا ينشد مصلحة شخصية"، ومؤكدا على أن "الناس يجب أن يجتمعوا على مشاريع، وليس من أجل أشخاص'' وأعلن بالمناسبة بأن حزبه سيعقد بعد أسبوعين ندوة وطنية لإطاراته للفصل في موضوع الوحدة ولم الشمل مع حركة مجتمع السلم على ضوء القرارات التي يخرج بها مؤتمر هذه الأخيرة''. وقد قوبلت كلمة مناصرة بموجة من التصفيقات والزغاريد سيما بعد ان سارع أبو جرة لتكريمه.