النغمة الشعبية محاصرة في أفراح قسنطينة اعتبر فنان النغمة الشعبية محمد بوديدة ، عدم توجيه دعوات للفرق التي تؤدي الطابع الشعبي بقسنطينة ، من أجل إحياء مختلف أفراح المدينة، بمثابة الحصار المضروب عليها، في وقت من المفروض أن تعتبر مشاركتها فيها ثراء لعاصمة الشرق وتنوعا في تراثها، الذي أقحم الجاز فيه عنوة ، حسبه، خلال السنوات الأخيرة ، وأصبح له مهرجان دون أن تكون له جذور فيها. الفنان استقبلنا في بيته، الذي يعج بالفنانين، انطلاقا من والده معمر الذي أعاد صناعة العود العربي إلى قسنطينة، ومرورا بإخوته العازفين على مختلف الآلات الوترية، و وصولا إلى عمه عبد الرحمان بوديدة ، و أكد لنا بأن النغمة الشعبية أقرب الآن إلى المتلقي في مدينة قسنطينة ، لاعتمادها في كلماتها على اللهجة المتداولة بين أوساط العامة و لأنها تعبر عن يوميات عامة الناس ، هذا دون إهمال "نوستالجيا" قصائد المالوف، الموزونة، المقفاة، المقترنة بزمن الوصل بالأندلس وجنات عدن المفقودة ، فالمالوف يعتبر ميزة خاصة بالمدينة التي يجب عليها أن تتفتح على بقية الطبوع الوطنية، وذلك بتنظيم مهرجان للنغمة الشعبية و مهرجانات لمختلف الطبوع الجزائرية الأخرى ، تمهيدا لأن تكون عاصمة للثقافة العربية. محمد بوديدة يرى بأن النغمة الشعبية في قسنطينة، في بيتها وبين أهلها، لأنه يعتبر نفسه الجيل الثالث في المدينة الذي أداها، حسب ما تنامى إلى مسامعه ، فأول رواد ذات النغمة الشيخ " قما " وهو المدعو العربي زروالة و بوجمعة مادوي والشريف مركوش، إضافة إلى الشيخين صديق وبوهالي المعروف ب" الطار " وهؤلاء من رواد الفنادق، ثم جاء جيل ثان يتكون من عمر بن دراج ومولود كراشة وعمه عبد الرحمان بوديدة و فيلالي صالح وعمار بوحبيب والمؤلف مسعود فرطاس، ثم أخيرا الجيل الذي يمثله جليسنا ، ويذكر من بين رواده ، حمدي محمد وطارق ديفلي ومحمد بوحبيب ومختار زيادة ، و أخيرا فيصل غرابة، و كمال عبد اللاوي و يعتذر محدثنا ،لمن لم يحضره اسمه أثناء الجلسة وهم بدورهم يعلمون جيلا جديدا الصنعة التي أخذها هو عمن سبقوه وهو ابن 13 سنة من خلال انخراطه في الجمعيات فبدأ بالمالوف ثم تحول إلى الشعبي ،عازفا على آلة البانجو في فرقة عمه ، عبد الرحمان بوديدة ، ثم انخرط في المجموعة الصوتية للتلفزيون الجزائري بقسنطينة التي عمل فيها والده 6 سنوات كعازف ، و بقي محمد كعضو في المجموعة لمدة سنتين، ليؤسس في سنة 1980 فرقته الخاصة بأداء الطابع الشعبي والتي تتكون من 6 أعضاء لتنشيط الأعراس في ظل العزوف عن دعوتها لإحياء حفلات المدينة إلا نادرا في البلديات التي لا علاقة لها بالشعبي أو حتى بالمالوف في رمضان ثم تهمش . هذا ما جعله يقدم طلبا لمصالح تشغيل الشباب، ليحصل على عتاد خاص بتكبير الصوت "لكن القائمين على مختلف المهرجانات يتحاشون التعامل معنا "يضيف الفنان ،و ذلك كما أكد، "على الرغم من وجود قوانين تلزم بإسناد نسبة الصفقات لمؤسسات الشباب، حتى تتمكن من تسديد القروض التي حصلت عليها ، وليس الفتات ،مثلما هو معمول به حاليا ، فلا يضمن ما يقدم لنا تسديد مصاريف النقل وفك وتركيب التجهيزات". محمد قال لنا بأنه تأثر بعمار الزاهي، وأن فرقته مطلوبة في كل من جيجل وعنابة وبجاية والعاصمة التي قام بإحياء عدة حفلات بها .و هو الآن يلتمس من القائمين على الثقافة، إدراج الشعبي في مختلف المهرجانات التي تقام في قسنطينة ، حتى يتمكن من يعيش على الفن من أمثاله ،من حفظ ماء الوجه ،طوال السنة، في انتظار ما تسفر عليه قوانين حماية الفنانين التي من المزمع أن يستفيد منها أهل الحرفة في كبرهم ،مؤكدا بأن قلب قسنطينة ومسؤوليها والساحة الفنية يمكنها أن يسع الكل، وقد وسعت حضارات وشعوب ولم يبق فيها إلا أهلها، الذين عليهم الحفاظ على تراثها الثري الغني ،يختم فنان الشعبي ، حديثه مع النصر.