واشنطن - حظيت مسالة الصحراء الغربية مرة أخرى بدعم الجمعية العامة للأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي اللذين جددا التأكيد خلال هذه السنة على ضرورة إيجاد حل يمكن من تحقيق تقرير مصير الشعب الصحراوي إلا أن تحقيق تقدم في مسار المفاوضات لا زال يتعثر جراء الخلافات. فقد أعطت الجمعية العامة للأمم المتحدة في لائحتها الأخيرة حول هذه المسالة دعمها لمسار المفاوضات التي بادر بها مجلس الأمن الدولي منذ سنة 2007 بهدف التوصل إلى "حل سلمي عادل و مستديم و مقبول من الجانبين من شانه السماح بتقرير مصير شعب الصحراء الغربية". في هذا الصدد أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون انه إذا توصلنا إلى وضع نهائي لم يتمكن سكان الصحراء الغربية من خلاله التعبير عن إرادتهم بوضوح و بشكل مقنع فانه "يخشى أن يؤدي ذلك إلى خلق توترات أخرى في الصحراء الغربية و في المنطقة". من جانبه اقر مجلس الأمن الدولي لائحة جدد من خلالها التأكيد على التزامه بمساعدة طرفي النزاع وهما جبهة البوليزاريو و المغرب على التوصل إلى حل يسمح بتقرير مصير الشعب الصحراوي. إلا أن النصر البارز الذي أحرزته جبهة البوليزاريو في هذه اللائحة الأخيرة لمجلس الأمن الدولي فيتمثل في أنها المرة الأولى التي توجه هذه الهيئة الأممية الهامة و بوضوح دعوة للمغرب كبلد محتل كي يحترم حقوق إنسان الشعب الصحراوي و ذلك بعد سنوات من تجاهل هذه المسالة بسبب معارضة عضو في مجلس الأمن الدولي. فقد اقر مجلس الأمن أخيرا في لائحته 1979 "انه من الأهمية تحسين وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية و إلزام الطرفين بالتعاون مع المجتمع الدولي من اجل توضيح و تطبيق إجراءات مستقلة و ذات مصداقية تضمن الاحترام التام لحقوق الإنسان". كما أشار إلى أن الحفاظ على الأمور على حالها ليس مقبولا على المدى الطويل داعيا الجانبين إلى التحلي بأكبر قدر من الإرادة السياسية بغية إيجاد حل و التحادث بشكل اكثر عمقا حول مقترحاتهما الخاصة. و هو الشيء الذي طالما كان حتى أن مقترح جبهة البوليزاريو التي ما فتئت تقترح تنظيم استفتاء يتضمن عديد الخيارات من بينها خيار الاستقلال فيما ظل المغرب متمسكا فقط بنظام حكم ذاتي و استفتاء للتأكيد كخيار أوحد. في هذا الصدد بادرت عديد الدول و ممثلي المجتمع المدني الدولية خلال النقاشات التي جرت حول الصحراء الغربية على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة و على مستوى اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار بدعوة الأممالمتحدة إلى تكثيف الجهود من اجل تنظيم استفتاء لتقرير المصير في آخر مستعمرة في إفريقيا و التي مازالت في انتظار تصفية الاستعمار بشكل نهائي. و يرى العديد انه إذا كانت السلطات المغربية متأكدة مثلما تقوله دوما من موافقة السكان المحليين الصحراويين على البقاء تحت سلطة المغرب فلماذا ترفض و تعرقل هذا الاستفتاء لتقرير المصير. كما انه و على الرغم من لوائح الأممالمتحدة المكرسة لحق تقرير المصير إلا أن مسالة تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية ما فتئت تلاقي العراقيل في استكمالها في الوقت الذي أطلقت الأممالمتحدة سنة 2011 العشرية الدولية الثالثة لتصفية الاستعمار (2011-2020). كما لم يتم التوصل خلال الاجتماعات غير الرسمية الأربعة التي جرت هذه السنة بين جبهة البوليزاريو و المغرب إلى أي تقدم ملموس على الرغم من الجهود الحثيثة و الحركية التي حظي بها مسار المفاوضات من قبل المبعوث الشخصي للامين العام للأمم المتحدة في الصحراء الغربية السيد كريستوفر روس. من جانب آخر فانه حتى وان كانت مسالة انتهاك حقوق الإنسان الخاصة بالصحراويين من قبل السلطات المغربية لم تجد طريقها بعد إلى الحل من خلال إدراج آلية مراقبة في مهام بعثة الأممالمتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) فإنها بالمقابل قد أثارت ردود أفعال على أعلى المستويات في واشنطن. و كانت كتابة الدولة الأمريكية قد أشارت بوضوح في تقريرها العالمي الأخير حول حقوق الإنسان إلى الاغتيالات التي قامت بها مصالح الأمن الحكومية المغربية و الاعتقالات التعسفية و أعمال التعذيب في حق الصحراويين فضلا عن إجراءات التضييق على المنظمات الدولية لحقوق الإنسان و وسائل الإعلام المهتمة بهذه المسالة. في هذا السياق صادق الكونغرس الأمريكي مؤخرا في إطار هذا التقرير وتقرير مركز بحوثه الذي أشار أيضا لتلك الانتهاكات على قانون يطالب كتابة الدولة بالتأكد من احترام حقوق الإنسان في الصحراء الغربية كشرط مسبق لمنح أي مساعدة مالية عسكرية للمغرب. و تنص أحكام هذا القانون على انه قبل منح أية أموال للمغرب في إطار المساعدة العسكرية فانه يتوجب على كاتبة الدول الأميركية أن تقدم تقريرا للجنتي منح المساعدات المالية لكلا غرفتي الكونغرس (مجلس النواب و مجلس الشيوخ) حول الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة المغربية في مجال احترام حقوق الأشخاص في التعبير السلمي عن آرائهم بخصوص وضع و مستقبل الصحراء الغربية و إعداد تقرير حول انتهاكات حقوق الإنسان الخاصة بالصحراويين. كما اشترط الكونغرس المساعدة المالية و العسكرية الأمريكية الممنوحة للمغرب بتوفير حق دخول منظمات حقوق الإنسان و الصحفيين و ممثلي الحكومات الأجنبية إلى الصحراء الغربية و من دون أي مضايقات. انه انتصار آخر في جدول انتصارات جبهة البوليزاريو و الشعب الصحراوي.