يتوجه الفلسطينيون اليوم الخميس الى الاممالمتحدة بطلب رفع مكانة فلسطين إلى دولة غير كاملة العضوية والامل يحدوهم في ايجاد دعم ومساندة واسعة من الدول الشقيقة والصديقة لمطلبهم باعتباره استثمار في السلام وترسيخ لحل على أساس الدولتين. وترى السلطة الفلسطينية والعديد من دول العالم في تأييد فلسطين في طلبها خطوة سلمية تساهم في تطبيق القانون الدولي وتعيد التأكيد على التزام المجتمع الدولي بحل الدولتين كما سيرسخ انضمام فلسطين إلى هيئة الأممالمتحدة على عدم أحقية إسرائيل بأي جزء من الأرض التي احتلتها في العام 1967 بما يتفق مع قرار مجلس الأمن 242. ويرى الفلسطينيون أن سعيهم لنيل مكانة عضو غير كامل العضوية من الجمعية العامة يأتي كبديل عن استمرار توقف محادثات السلام مع إسرائيل منذ مطلع أكتوبر 2010 بينما تعارض إسرائيل والإدارة الأمريكية هذا التوجه وتصران على ضرورة العودة للمفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة. إن اسرائيل لا زالت حتى الان تضع عقبات أمام السلام من خلال خطواتها غير القانونية المتمثلة باستمرار المحاولات الرامية لتغيير وضع الأرض الفلسطينيةالمحتلة وتكثيف الاستيطان بها حيث تضاعف تعداد المستوطنين الإسرائيليين من 236,000 مستوطن في العام 1993 إلى ما يقارب ال 500,000 مستوطن . فقد مضت أربع وستون عاما وما زال حق الشعب الفلسطيني الطبيعي والتاريخي والقانوني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة ينتظر التنفيذ. ويصادف يوم تقديم الطلب الفلسطيني اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني هذا التاريخ الذي اختير لما ينطوي عليه من دلالات بالنسبة للشعب الفلسطيني. ففي ذلك اليوم من عام 1947 اتخذت الجمعية العامة القرار 181 (د-2) الذي أصبح يعرف باسم قرار التقسيم والذي نص على أن تنشأ في فلسطين "دولة يهودية" و "دولة عربية" مع اعتبار القدس كيانا متميزا يخضع لنظام دولي خاص. ولم تظهر الى الوجود من بين الدولتين المقرر إنشاؤهما بموجب هذا القرار إلا "دولة" واحدة هي إسرائيل على الرغم من ان حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره هو موقف دولي رسخ في قرارات عدة من ضمنها قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة (3236) و (2649) و (65/455) والتي أكدت أن هذا الحق غير قابل للتصرف وشدد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دول " مستقلة وذات سيادة". فضلا عن ذلك فقد اقرت محكمة العدل الدولية في فتواها الاستشارية الصادرة في العام 2004 بشأن تشييد جدار الفصل في الأرض الفلسطينيةالمحتلة بعدم قانونية تقويض حق الفلسطينيين في تقرير المصير. وتعترف 128 دولة بدولة فلسطين على حدود 1967 من بينها 9 من أصل العشر دول ذات الكثافة السكانية الأعلى في العالم حيث تشكل شعوب هذه الدول مجتمعة تشكل 75 من إجمالي سكان العالم. وجاءت معظم الاعترافات بعد إعلان المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية استقلال دولة فلسطين في عام 1988 بالجزائر. وتتمتع فلسطين بالعضوية الكاملة في عديد من الهيئات الإقليمية والدولية فهي عضو كامل العضوية في جامعة الدول العربية وعضو كامل في حركة عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامي ومجموعة ال 77. وبشأن التعويل على الموقف الأمريكي بعد فوز الرئيس باراك أوباما بولاية ثانية اكدت السلطة الفلسطينية على ضرورة ان "تعلم الولاياتالمتحدة أنه بدون حل للصراع العربي- الإسرائيلي لا أمن ولا استقرار في المنطقة". وهددت الادارة الامريكية ومجلس الشيوخ الأمريكي الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعقوبات إذا ما توجه إلى الأممالمتحدة للحصول على صفة دولة غير عضو في المنظمة الدولية ودعت الى استئناف المفاوضات مع اسرائيل. ومن بين العقوبات المتوقعة إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية وقطع المساعدات المالية وفق قرارات الكونغرس. وقد قابل الرئيس عباس هذا التهديد بالتأكيد على اصراره على التوجه الى الاممالمتحدة بطلبه مع التأكيد على استعداداه وبمجرد الاعتراف بدولة فلسطين إجراء مفاوضات مع حكومة إسرائيل بعد يوم واحد من ذلك اذا ارادوا. وفي دورته غير العادية التي عقدت مؤخرا بالقاهرة وشارك فيها الرئيس محمود عباس أكد مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري دعمهم التام لمسعى منظمة التحرير الفلسطينية لرفع مكانة فلسطين كدولة مراقبة غير عضو على حدود الرابع من حزيران عام 1967 بما فيها القدسالشرقية كعاصمة لدولة فلسطين وذلك من خلال طرح مشروع قرار بهذا الشأن على الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت عليه في 29 نوفمبر الجاري. وأكد الوزراء على توفير شبكة أمان مالية بقيمة 100 مليون دولار في حال فرضت عقوبات على الشعب الفلسطيني ودعوا كافة التجمعات الإقليمية والاتحاد الأوروبي لدعم ومساندة الطلب الفلسطيني . ومن بين النتائج الهامة التي ستترتب على اكتساب فلسطين صفة الدولة غير العضو في الأممالمتحدة هي ان تعامل المجتمع الدولي سيكون معها كأرض محتلة وكشعب له الحق في تقرير مصيره وكدولة تتمتع بالشخصية القانونية ضمن أشخاص القانون الدولي وتحظى باعتراف الغالبية العظمى من دول العالم وبالتالي تبطل المزاعم الإسرائيلية ومقولة أرض متنازع عليها وليست أرضا محتلة. الى جانب ذلك ستدحض الفكرة الصهيونية القائمة على نظرية البديل (إسرائيل بديل عن فلسطين واليهود بديل عن الشعب الفلسطيني). كما من شأن الاعتراف بدولة فلسطين فتح أبواب الأجهزة والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة كمنظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية وكذلك الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لانضمام دولة فلسطين إليها كاتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية وغيرها من الاتفاقيات الدولية الى جانب استكمال إجراءات الانضمام الى اتفاقيات جنيف الأربعة المعقودة سنة 1949 والذي بداه الفلسطينيون سنة 1989.