دعا المشاركون اليوم الأربعاء في أشغال الملتقى الوطني حول " المقاومة الجزائرية عبر العصور" الذي تجري فعالياته بالمتحف العمومي الوطني بسطيف إلى ضرورة إعطاء المقاومة الجزائرية حقها من الدراسة من طرف المختصين و الباحثين. و أوضح المشاركون في ذات السياق أن ذلك يسمح "بإحداث مقاربة منهجية" تسلط الضوء على جوانب مختلفة من تاريخ المجتمع الجزائري "بعيدا عن المقارمة الإقليمية المتقطعة التي لطالما روجت لها المدرسة الكولونيالية" . وذكر الأستاذ يوسف عيبش من جامعة سطيف أن المقاومة الجزائرية "قد عولجت في سياق تاريخي منفرد" .وتركزت معالجتها "على أحداث و شخصيات دون أخرى" الأمر الذي جعلها (المقاومة الجزائرية ) "لا تزال تفرض نفسها على ساحة الكتابة التاريخية سواء من حيث تاريخ الصراع ضد الاحتلال الفرنسي أو من حيث الأساليب و الطرق المستعملة في كل مرحلة من مراحل المقاومة". و يرى نفس المحاضر أن التفكير في "وضع منهجية كتابة فهارس" تاريخ المقاومة في الجزائر و "البحث في كيفية إحداث إسقاطات ذلك على خرائط تاريخية جامعة" و مبسطة ستكون "كفيلة بأن تضع في أيدي الباحثين و الشباب مادة تاريخية هامة". و اعتبر نفس المتدخل مبادرات تنظيم ملتقيات علمية تاريخية يشارك فيها أساتذة مختصون و باحثون من مختلف ولايات الوطن "من بين أهم الوسائل التي تسهل على الدارسين جمع و تقصي الحقائق التاريخية" التي تسمح بتحقيق "جرد حقيقي" لأعلام و أماكن المقاومة الجزائرية . و عرف اليوم الثاني و الأخير من أشغال هذا الملتقى تقديم محاضرات عديدة سلطت الضوء على "المقاومة الجزائرية عبر مختلف الحقب التاريخية" وعلى "بعض الشخصيات التاريخية الهامة التي دافعت عن القضية الجزائرية من داخل أو خارج البلاد أمثال حمدان خوجة . و تحدث الأستاذ هشام بن عبد الرحمان من جامعة سطيف 2 بالمناسبة عن "دور الطرق الصوفية في مقاومة الاستعمار الفرنسي" مشيرا أن جل الكتابات في هذا الموضوع "غلب عليها الاهتمام بالجانب السياسي للمقاومة فيما ظلت المؤسسات الدينية و الزوايا في حاجة أكيدة إلى المزيد من الدراسة". و أبرز الدور الذي لعبته الطرق الصوفية في المقاومة بمنطقة الشرق الجزائري مشيرا إلى مقاومة أحمد باي و الأمير عبد القادر اللذين شكلا أرضية لمقاومات أخرى بقيادة رجال و شيوخ الزوايا انطلاقا من انتفاضة أولاد جلال سنة 1847 التي ساندت ثورة بومعزة ثم ثورة الزعاطشة سنة 1849 بعد إعلان فرنسا أن الجزائر قطعة من التراب الفرنسي. كما تم التطرق خلال هذا اللقاء إلى الشعر الشعبي للمقاومة باعتباره من بين التراث الذي "عبر عن الذات الجزائرية" و" لعب دور الترسانة المعنوية للمقاومين الجزائريين وفي تنوير الرأي العام الوطني"-كما أشار إلى ذلك الأستاذ مبروك دريدي من جامعة سطيف2 . و قال المحاضر في هذا السياق "لقد ساهم الشعر الشعبي خلال مختلف فترات المقاومة التي خاضها الجزائريون ضد المحتل الفرنسي في نشر الوعي الاجتماعي و رفع الروح القتالية للمجاهدين و المقاومين". و يذكر أن الملتقى الوطني حول " المقاومة الجزائرية عبر العصور" الذي تواصلت فعالياته على مدى يومين جاء بمبادرة من قسم التاريخ و الآثار بجامعة سطيف 2 بالتنسيق مع المتحف العمومي الوطني و ذلك في إطار الاحتفال بخمسينية الاستقلال الوطني.