كثر الحديث عن نتائج الإصلاحات التي انتهجتها وزارة التربية الوطنية منذ سنة 2003 والتي شملت الجانب البيداغوجي والتربوي من خلال إصلاح الشق البيداغوجي، وإرساء منظومة متجدّدة للتكوين وتحسين مستوى التأطير، وإرساء تنظيم شامل للمنظومة التربوي، وتقييمها خاصة بعد مرور 07 سنوات من دخول الإصلاحات حيز التطبيق، وتخرج أول دفعة في امتحانات الباكالوريا في ظل الإصلاح والتي حققت نسبة نجاح عالية، حيث أعلن وزير التربية أن هذه النسبة هي ثمرة هذا الإصلاح، غير أنه يصعب على المختصين في المجال البيداغوجي تقييم هذه الإصلاحات· نسبة النجاح المحققة في شهادة الباكالوريا للسنة الدراسية الماضية والتي فاقت 60 بالمائة على المستوى الوطني أرجعها وزير التربية الوطنية بوبكر بن بوزيد إلى نجاح سياسة الإصلاحات التي اعتمدتها وزارته منذ سبع سنوات، مؤكدا أن النتائج المحققة هي ما كان تصبو إليه الوصاية، حيث أوضح أن برنامج الإصلاح في الجانب البيداغوجي إنتهى، ويجب الآن التطرق إلى جانب التسيير في المؤسسات التربوية، غير أن التساؤل يبقى مطروحا، هل حقا إنتهت الإصلاحات في الجانب البيداغوجي؟ يبدو أنه ما زال إلى حد الآن لم يكتمل حسب بعض الأخصائيين في المجال التربوي والبيداغوجي، فرغم إعادة صياغة الفعل البيداغوجي عبر إصلاح المناهج الدراسية، واستعمال الترميز الدولي والمصطلحات العلمية بلغة مزدوجة، وترقية المواد الدراسية المساهمة في بناء شخصية التلميذ، اللغة العربية، التربية الإسلامية، اللغة الأمازيغية، التاريخ والتربية المدنية وتحسين طرق تدريس بعض المواد، لا سيما الفلسفة والتربية البدنية، تعزيز المواد الدراسية العلمية والتقنية، بإدراج مادة التربية العلمية والتكنولوجية ضمن برنامج السنة الأولى من التعليم الابتدائي وإدراج مادة الإعلام الآلي، وترقية تدريس اللغة الأجنبية عبر الإدراج المبكر للغتين الفرنسية والإنجليزية، وإدراج الترجمة التعليمية في الطور الثانوي لتحسين المردود العلمي للتلاميذ في اللغات الأجنبية، والتركيز على التربية البيئية والمواطنة، وأخيرا، إعداد الكتب المدرسية الجديدة· إضافة إلى إنشاء نظام جديد للتقييم على مستوى القطاع التربوي، في إطار تجديد نظام التقييم وشتى الجوانب المتعلقة بمتابعة عمليات الإصلاح التربوي، وتجديد نظام التكوين والتدريب البيداغوجي والإداري عبر خمس مراحل بداية بالتكوين الأولي، التكوين أثناء الخدمة، مواصلة تدعيم وتحسين المستوى، وأخيرا، التكوين المتخصص، كما قامت الوزارة بإعادة تنظيم المنظومة التربوية التي تم فيها التعميم التدريجي للتربية التحضيرية، وإعادة هيكلة التعليم الإلزامي وما بعد الإلزامي، التعليم الخاص وضرورة إضفاء الطابع الرسمي عليه، الجوانب التنظيمية عبر إصلاح مديريات التربية والمصالح الإدارية·· كل هذه الإجراءات وغيرها عرفتها المنظومة التربوية خلال 07 سنوات· لكن ما يعاب على إصلاحات بن بوزيد، حسب العديد من الأساتذة والمختصين، هو أن الوصاية تتخذ جملة من الإجراءات تطبقها في فترة معينة ثم تتخلى عنها، وهو ما يؤثر على التلاميذ وعلى تحصيلهم العلمي، حيث أصبحوا، على حد تعبير أحد المربين، فئران تجارب لبن بوزيد، وعدم قدرة المربين على التأقلم مع البرامج الجديدة نظرا لنقص التكوين فيها، ولذلك يجب إعادة إصلاح إصلاحات بن بوزيد التي قال عنها أنها رهانات تحققت، فهل هذا صحيح؟· مزيان مريان (المنسق الوطني ل ''السناباست''): ضيعنا الكثير من الوقت في التجارب على التلاميذ ·· أوضح المنسق الوطني للنقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني ''السناباست'' مزيان مريان، أن الإصلاحات التي طبقت في قطاع التربية الوطنية تمت بتسرع وبدون دراسة دقيقة، وهو ما يتجلى حسبه من خلال القرارات التي تتخذها الوزارة منذ بداية الإصلاحات ثم تتراجع عنها بعد سنة واحدة على أكثر تقدير حيث أصبح التلاميذ عبارة عن فئران تجارب، مؤكدا أنه يجب أن تتوقف الوصاية عن تغيير البرنامج كل سنتين أو أربع سنوات، فذلك يعيق المربي والتلميذ في ذات الوقت. وأضاف المتحدث أن الإصلاحات لا زالت بحاجة إلى عدة معطيات حتى نقول أنها نجحت، أما فيما يتعلق بالموسم الدراسي المقبل فقد أكد المتحدث أنه طالما أن وزارة التربية تنتهج سياسة اللامبالاة والتهميش تجاه الأساتذة وتمتنع عن فتح أبواب الحوار معهم فإن ذلك يجعل الموسم صعبا إلا إذا عملت على تلبية مطالب العمال وفتحت باب التشاور معهم، وأضاف أن الوزارة إستجابت حقيقة لمطالبنا بالنسبة للأجور والمنح والعلاوات، لكن ذلك يبقى غير كاف، ويجب اتخاذ إجراءات تتماشى فيها زيادة الأجور مع القدرة الشرائية للموظف· عمراوي المسعود (المكلف بالإعلام في ''الأنباف''): الإصلاحات تجلت في الهياكل فقط أكد المكلف بالإعلام على مستوى الإتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين ''الأنباف'' المسعود عمراوي، أن الحديث عن الإصلاحات التي قام بها وزير التربية الوطنية يجب أن يتم التطرق فيها إلى الايجابيات والسلبيات، فمن بين الإيجابيات والتي هي قليلة حسب عمراوي، ما تعلق بالهياكل والمنشآت التي شيدت خلال السبع سنوات، إضافة إلى التكفل بالتلاميذ من الحضانة والأقسام التحضيرية، أما الجوانب السلبية والتي هي كثيرة، ومنها كثافة البرامج و التي رغم أنها تخفض كل سنة إلا أن المشكل لا يزال قائما، وإلغاء السكنات الوظيفية للأساتذة، وكذا الأخطاء الموجودة في الكتاب المدرسي والتي تظهر كل سنة رغم الجهود المبذولة، وكذا ضعف تكوين المكونين، كل هذه النقائص جعلت عملية تقييم الإصلاحات صعبة ونجاحها ضئيل، حسب عمراوي، أما بخصوص الموسم الدراسي المقبل فقد أكد أن بدايته كانت بالإضرابات والاحتجاجات لعمال المصالح الاقتصادية وسيليها إضراب المساعدين التربويين وغيرها من الإضرابات اللاحقة في حال ما بقيت الوزارة متمسكة بسياستها وتهديداتها المناقضة لقوانين العمل والتي لا نجدها في أي بلد آخر غير الجزائر، فالموسم الدراسي في خطر· نوار العربي (المنسق الوطني ل ''الكناباست''): نتائج الإصلاحات تظهر على حملة الباكالوريا بعد مرور سنة بعد مرور 7 سنوات من الشروع في إصلاح المنظومة التربوية هل يمكننا تقييم الإصلاحات ومدى نجاحها على أرض الواقع؟ لا يمكننا الآن تقييم الإصلاحات التي أجرتها وزارة التربية الوطنية على المنظومة التربوية رغم مرور 7 سنوات على انطلاقها، رغم النتائج المحققة في شهادة الباكالوريا السنة الدراسية الماضية، ولا يمكننا أن نقيس على هذه الأخيرة لعدة اعتبارات أهمها المواضيع التي امتحن فيها التلاميذ حيث لم تشمل أكثر من 80 بالمائة من المقرر الدراسي بسبب عدم تنفيذ البرامج بنسبة 100 بالمائة، وأعتقد أن التلاميذ الذين نجحوا في شهادة الباكالوريا هذه السنة سيواجهون صعوبات خلال السنة الأولى من التعليم الجامعي بالنظر لعدم قدرتهم على اختيار الشعبة أو التخصص الذي يلائمهم، إضافة إلى عدم قدرتهم على الدراسة والإستيعاب، وبالتالي فإن النتائج ستظهر خلال نهاية السنة الأولى من التعليم الجامعي من خلال عدد الناجحين والراسبين· هل هذا يعني أن الوزارة تحاول إبراز إيجابيات الإصلاحات رغم فشلها؟ القول بنجاح أو فشل الإصلاح في هذه الفترة صعب جدا، لأن هذه العملية يجب أن تكون أكاديمية محضة، لكن ذلك لن يحدث الآن بسبب تدخل عدة حسابات سياسية وصراعات تقف وراء عدم الخروج بتقرير فعلي وموضوعي حول هذه الإصلاحات، المهم أن هناك نقائص في الجانب البيداغوجي يجب تداركها خاصة فيما يتعلق بتكوين الأساتذة والمعلمين الذين لا يزالوا يشتكون من نقص التكوين في المواد التي يدرسونها وغيرها من الصعوبات التي يواجههم· بعدما قامت وزارة التربية الوطنية بالإفراج عن ملف المنح والعلاوات وصرف المخلفات المالية، هل تتوقعون أن يعرف الموسم الدراسي المقبل نوعا من الإستقرار؟ حقيقة، وزارة التربية الوطنية عملت على تلبية مطالب العمال فيما يتلق بالمنح والعلاوات والمخلفات المالية، لكن هذا لا يعني أن جميع مطالبنا تحققت، العمل النقابي لا يزال مستمرا ومطالبنا لا تزال قائمة، فرغم أن وزارة التربية أغلقت جميع المنافذ في وجه النقابات المستقلة وتهديدات الوزير العلنية والمباشرة بقمع الأساتذة والعمال إذا فكروا في الإضراب من اجل الطلبة بحقوقهم لا تزال تطلق، إلا أن ذلك سيؤدي لا محالة إلى المزيد من الإحتقان في القطاع مع بداية الدخول المدرسي·