يبدو أن رقعة الاحتجاجات في سوريا في توسع مستمر، إذ لم تعد مقتصرة على مدينة درعا لتشمل كلا من حلب، دمشق، جبلة، اللاذقية، الحسكة، لتصل لمدينة بانياس الساحلية الواقعة على بعد 280 كلم شمال العاصمة السورية· فقد شهدت هذه المدن على مدار نهاية الأسبوع تفاقم المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن، التي لجأت لاستعمال الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع ما أسفر عن سقوط حوالي ثلاثين شخصا في كل من درعا وحمص· الجدير بالذكر أن سوريا تعيش على وقع هذه الاحتجاجات منذ قرابة أربعة أسابيع، على اعتبار أن أولى المظاهرات انطلقت في منتصف شهر مارس الماضي، بهذا الخصوص تشير الأرقام المقدمة من طرف منظمة العفو الدولية أن حصيلة الأحداث التي تعيشها سوريا بلغت 171 شخصاً على الأقل يُعتقد أنهم قتلوا خلال الأسابيع الثلاثة من الاحتجاجات، مع الإشارة إلى أن السلطات السورية تكذب هذا الرقم، مؤكدة أنه أقل بكثير· تمر إذن الأيام والشارع السوري يستمر في رفض الإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس بشار الأسد، والتي قيل أنه بدأ في تجسيدها من خلال إقالة بعض المحافظين نزولا عند طلب المحتجين، فكانت التضحية بمحافظ كل من مدينتي درعا وحمص، غير أن ذلك لم يكن كافيا، إذ استمرت الاحتجاجات المطالبة بإطلاق الحريات وإلغاء قانون الطوارئ ومكافحة الفساد وتحسين المستوى المعيشي· يأتي هذا في الوقت الذي تؤكد فيه السلطات السورية أن ما يحدث في البلاد إنما هو بفعل جماعات ''تستجيب لأجندات خارجية''، في إشارة إلى مجموعات من العصابات المسلحة، غير أن المعارضة السورية في الخارج تفيد بأن ما يحدث ثورة شعبية تهدف لوضع حد لنظام دام لخمسة عقود من الزمن، إذ تؤكد المعارضة أن السلطات السورية لجأت إلى تكثيف الاعتقالات في محاولة للحد من التحريض على التظاهر، بعدما تأكد أن الإجراءات المتخذة من أجل تهدئة الأوضاع لم تجد نفعا، سيما بعد إقالة الحكومة واستبدالها بحكومة تسيير أعمال، إلى جانب منح الجنسية لقرابة نصف مليون من الأكراد السوريين بعد عقود من التغاضي عن مطلبهم· غير أنه مع الأيام بدا واضحا أن كل هذه الإجراءات لم تأت بالثمار المنتظرة، على اعتبار أن الحركة الاحتجاجية باتت تتفاقم لتصل مناطق تعتبر حساسة بالنسبة للاقتصاد السوري، مثلما هو الحال عليه مع مدينة بانياس المطلة على البحر المتوسط والتي تتوفر على واحدة من المصافي البترولية التي تتوفر عليها سوريا· في غضون هذه الأحداث المتسرعة في سوريا يتزايد القلق الدولي من ارتفاع عدد الضحايا، فقد أكدت الأخبار أن الأمين العام للأمم المتحدة طالب السلطات السورية بضرورة ضبط النفس وعدم اللجوء للقوة والسماح للمتظاهرين بإبداء موقفهم بشكل سلمي·