أصبح الجميع اليوم على قناعة تامة بأن المبادرة العربية في سوريا فشلت في تحقيق هدفها الرئيسي : حماية الشعب السوري ووقف القتل، بسبب مراوغات وألاعيب هذا النظام المخادع الذي استطاع أن يفرغ المبادرة من مضامينها، ووقع البروتوكول مرغماً وبشروطه وفرض املاءاته على الجامعة وأمينها، وقيد تحركات المراقبين واستطاع أن يخفي معالم جريمته قبل قدوم المراقبين الى المسرح ليقنعهم بروايته المكررة من أن النظام لا يقتل الشعب، وان ذلك من فعل العصابات المتشددة المتسللة من لبنان! أصبح النظام مكشوفاً أمام العرب والمجتمع الدولي، وحده الأمين العام مازال يدافع ويبرر ويصرّح بأن النظام سحب آلياته العسكرية وأطلق سراح المعتقلين، لكن القنص مستمر ولا يعرف الأمين العام مصدره! واذا كان الأمين العام لا يعرف مصدر القنص، يكفيه أن يشاهد الشرائط المصورة ولا داعي لتكبد العناء والنفقات بإرسال المراقبين! أخشى بعد تقرير الفريق الدابي أن يردد العربي نفس الأسطوانه السورية من أن الأشباح المتسللة هي التي تقتل المتظاهرين! العربي لم يكتف بهذا التصريح الذي كذبته الحقائق على الأرض كما كذبه الاتحاد الأوروبي مؤكداً أن الجيش السوري لم ينسحب بشكل حقيقي من الشوارع والمدن، بل إنه مازال يدافع عن رئيس بعثته الفريق الدابي ويصر على أنه ''عسكري كفء ويتمتع بسمعة طيبة'' في الوقت الذي يجمع فيه نشطاء حقوق الإنسان بأنه أسوأ اختيار لرئاسة أخطر بعثة في تاريخ الجامعة، وتكفي نقرة على النت لتعرف تاريخ وماضي هذا الرجل ''الطيب السمعة''· يقول عنه السفير السوداني السابق د· علي حمد ابراهيم : يبدو غريباً أن لا تصل تلك الشكوك والشبهات حول ماضي الجنرال الى مسامع الجامعة وهي شكوك وشبهات كانت ومازالت ترفع بأعلى النبرات، وكان هذا وحده سبباً كافياً لرفع اسم الجنرال من قائمة المراقبين ''وبطبيعة الحال لا أحد ينكر خبرة الرجل في رئاسة الاستخبارات السودانية التي شهدت في عهده إعدام وتعذيب واختفاء المعارضين فترة الصراع في جنوب السودان ووثقتها منظمة العفو الدولية في التسعينيات، ولا أحد يجادل في كفاءة الرجل في الإشراف على حملات مكافحة التمرد وملاحقة المعارضين لنظام البشير، ولا أحد يشكك في نجاحه في إنشاء ودعم الجنجويد العربية التي ارتكبت مجازر في دارفور، وسيرته حافلة بما يشهد كفاءته في خدمة نظام البشير وبأنه كان دائماً مبعوثه في المهمات المناهضة لحقوق الإنسان حتى أن مجلة ''فورين بوليسي'' قالت عنه إنه ''أسوأ مراقب لحقوق الانسان''· هذا هو ماضي الرجل الذي اختارته الجامعة لرئاسة بعثة هي الأولى من نوعها في تاريخها، فهل هو حقاً طيب السمعة؟! ولدى من؟! لماذا يعمد الأمين العام إلى اختيار شخص تحيطه الشكوك والشبهات لرئاسة بعثة تراقب حقوق الإنسان؟! لماذا يختار شخصاً لا يحظى بمصداقية لا لدى السودانيين ولا المعارضة ولا المجتمع الدولي؟! لماذا اختار شخصاً، اضطر للدفاع عنه فيما بعد، إذا كنت أريد نجاحاً لمهمتي؟! يقول حسام عيتاني : الاستغراب هو أقل ما يمكن التعبير عنه عند الاطلاع على سيرة الفريق الدابي، إذ كيف يمكن تصور تولي رجل - قضى جزءاً كبيراً من حياته المهنية في استخبارات البشير، وأشرف على تأسيس وتسليح الجنجويد - رئاسة لجنة تراقب تنفيذ اتفاق وقعته سلطة تتحاذى مع الخرطوم في القمع؟! أما منظمة العفو الدولية فقالت : قرار الجامعة تكليف فريق بالجيش السوداني ارتكبت في عهده انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، رئاسة بعثة المراقبين يقوض جهود الجامعة ويضع صدقية البعثة محل شك بالغ· والذي ذكرنا بمقولة عادل إمام في مسرحية ''شاهد ماشافش حاجة''، العالم رأى على امتداد 10 أشهر أشياء مرعبة والدابي لم ير شيئاً! فيا أيتها الجامعة كفى ذلاً ومهانة واستخفافاً بمبادرتك، اسحبي بعثتك وردي اعتبارك كما طالب الدقباسي رئيس البرلمان العربي وارفعي غطاءك عن نظام فاقد للشرعية والمصداقية!·