سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السلطة لا تريد أحزابا قوية والأحزاب تأسست منذ دستور 89 على الانشقاقات.. منطق الحزب الواحد ما يزال قائما رغم ظهور 48 حزبا و90 بالمائة من القيادات من الأفلان
أرجع أغلب المتدخلين في نقاشات «الجزائر نيوز» حول موضوع ظاهرة الانشقاقات في الأحزاب السياسية، انتشار الظاهرة إلى ارتباطها بمصالح وحسابات تطفو إلى السطح في المواعيد الانتخابية، حيث أن هذه الانشقاقات لا تحدث إلا في فترات الانتخابات، حيث تتصارع القيادات الحزبية على صدارة القوائم الانتخابية باعتبار أن الفوز في الانتخابات هو ترفيه اجتماعي، وإعطاء الصفة المفقودة في المجتمع، كما اعتبر المتدخلون أن الانشقاقات داخل التنظيمات السياسية مرده ضعف هذه الأحزاب، وهو راجع بدوره إلى أن السلطة لا تريد أحزابا سياسية قوية ولا نخبة جريئة حتى تتمكن من تحكيم قبضتها على الساحة والحكم. أكد أول المتدخلين في النقاشات المحلل السياسي عبد العزير جراد، على غياب صورة سياسية شاملة وواضحة تبين مكانة 48 حزبا من الناحية السياسية على الساحة الوطنية لاسيما وأن لهذه الظاهرة انعكسات سياسية كبيرة على الساحة الوطنية وعلى سير البلاد وأساسها هو الزعامة. حب الزعامات واحتكار القرارات وراء الانشقاقات وإن كانت الانشقاقات يكيفها البعض على أنها ظاهرة صحية سياسيا، فإن جراد يرى غير ذلك بالنظر لما تفرزه هذه الظاهرة من انعكسات وخيمة على المشهد السياسي والسير العام للبلاد، مؤكدا على أن ذلك مرده حب الزعامات واحتكار القرارات في الأحزاب هو الذي طغى على نشاطات هذه التشكيلات السياسية. وانتقد المتحدث بشدة المشهد السياسي ببلادنا، حيث قال «إن هناك أزمة في النسق السياسي، فالسلطة لا تريد مساعدة بناء بلورة سياسية تبرهن الواقع الجزائري». وبالإضافة إلى ما سبق، فإنه بالرغم من تعدد الانتماءات السياسية للتشكيلات بين إسلاموية وأخرى وطنية، وبعضها الآخر ديمقراطي، فإن المواطن الجزائري لم يجد نفسه ممثلا في هذه الأحزاب لفقدانه الثقة فيها. علاقة الأحزاب بالسلطة أفقدها مصداقيتها وثقة المجتمع المدني بها واعترف عبد العزيز جراد بعدم وجود أحزاب ديمقراطية حقيقية بالجزائر بسبب علاقة السلطة المباشرة وغير المباشرة بكل الأحزاب، مما أفقدها حريتها ومصداقيتها السياسية، وبالتالي أفقدها ثقة المواطن والمجتمع المدني بها. وأعاب ضيف «الجزائر نيوز» على السلطة عدم رغبتها السياسية في بناء طبقة سياسية معارضة لها كما هو معمول به في كل الدولة القانون، بل وتعمل جاهدة على نسج علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع الأحزاب لتضمن بقاء تحكمها في الأمور، وهو أساس هذه الأزمة التي تعيشها الأحزاب والبلاد. السلطة لا تريد أحزابا قوية والأحزاب تأسست منذ دستور 89 على الانشقاقات أما أستاذ علم الاجتماع زبير عروس، فربط الظاهرة بالممارسة السياسية، وبالرجوع إلى دستور 1989 نسجل أن تأسيس الأحزاب تم بناءً على انشقاقات وبالخروج عن مبدأ السمع والطاعة، زادت هذه الظاهرة من حدتها مثلما حدث مع الإسلاميين، حيث أن كل الأحزاب ذات التوجه الإسلامي تأسست على أساس صراعات أدت إلى انشقاقات أغلبها بسبب الزعامات واحتكار القرارارت من شخص واحد ف «الفيس» على سبيل المثال لا الحصر، يقول المتحدث لم يكن مكون فقط من إيديولوجيات بل كان مكون من عدة تيارات ومن الطبيعي أن يؤدي كل هذا إلى صدامات بين الكتل في ظل عجز قيادته على حل الأزمة . وعكس عبد العزيز جرادي، دعا المتحدث إلى عدم معالجة الانشقاقات على أنها عادة خارقة للعادة، بل هي -يقول- مرتبطة بالممارسة السياسية وتأخذ عدة تسميات ولها أسباب عد، لكن الأكيد أن هذه الانشقاقات أظهرت عجز الأحزاب عن قيادة الأزمة التي تمر بها البلاد مثل الأفلان والأرندي، لأن تغيير القيادات في الأحزاب لا يتم بطرق ديمقراطية بل يتم عن طريق أوامر فوقية. ويتفق زوبير عروس مع عبد العزيز جرادي على أن الانشقاقات تحدث في الفترات الانتخابية بسبب الصراعات على صدارة القوائم وكسب الصفة المفقودة في المجتمع، وهو ما يفسر وجود انتماءات سياسية على أساس مصالح. زوال الزعامات بالجزائر ولا وجود لهوية سياسية وإيديولوجية للأحزاب واعتبر المتحدث من الطبيعي أن تقدم السلطة على إحاكة المؤامرات والدسائس ضد الأحزاب خاصة في ظل زوال الزعامات السياسية بالأحزاب الوطنية راجعة إلى عدم وجود هوية سياسية وإيديولوجية للأحزاب ولا نخب وطنية يمكنها خلق توازن سياسي. منطق الحزب الواحد ما يزال قائما رغم ظهور 48 حزبا و90 بالمائة من القيادات من الأفلان وعلى ضوء الحديث عن النخب، قال أستاذ العلوم الاجتماعية، إن 90 بالمائة من القيادات الحزبية بالجزائر من الحزب الواحد الأفلان، واعترف بوجود نخب وطنية لكن ليس لديها أية فعالية سياسية في المجتمع، مؤكدا أن منطق الحزب الواحد ما يزال قائما رغم ظهور 48 حزبا بسبب احتكار السلطة لها، والمشكل في ذلك هو الرداءة وهناك فرق كبير بين الجزائر الافتراضية والواقع. نشاط الأحزاب ينحصر في موعدين انتخابيين كل 5 سنوات لربح المال في حين اعترف ضيف «الجزائر نيوز «الثالث سفيان جيلالي رئيس حزب «جيل جديد» بوجود انحطاط معنوي للمجتمع المدني اليوم بسبب نشاط الأحزاب الذي ينحصر في موعدين انتخابيين هو التشريعيات والمحليات كل 5 سنوات وفقط، كما أنها أصبحت فرصة للربح السريع وتحويل الأحزاب في هذين الموعدين إلى سجلات تجارية للربح من خلال فرض مبالغ مالية على مترشحيهم تتفرق مابين متصدري القائمة تصل إلى 500 مليون. أما الأحزاب الكبرى فهي تسير بالشكارة. الجزائر تعيش مرحلة انحطاط النظام لعدم قدرة الجيل الحاكم على فهم المجتمع وفي تحليله لوضع الأحزاب، قال رئيس حزب «جيل جديد» الكل يعرف مسار الأفلان جدا، والكل يعرف علاقته بالسلطة قبل وبعد التعددية الحزبية، أما الأحزاب الأخرى فتسعى قياداتها لترك فراغات بينها وبين القيادات التي تليها ولا يغادرها إلا بموته كمحفوظ نحناح أو بالمنفى الاختياري كآيت احمد، وأضاف إن الجزائر تعيش مرحلة انحطاط النظام الذي أرجعه إلى الفارق المسجل بين القيم وغياب الدولة بسبب عدم قدرة الجيل الحاكم على فهم المجتمع مستدلا بما قاله وزير الداخلية في تصريحاته بشأن اتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية، حيث قال «لم نعد نفهم ما يريده الشعب»، ولذلك فإن الحل هو رحيل النظام الحاكم. الجزائر ليست دولة بل «محشاشة» يتحكم فيها أشخاص يقررون ما يخدم مصالحها جمال بن عبد السلام رئيس جبهة «الجزائرالجديدة» ركز في تدخله على أن حزبه أحصى 16 سببا يقف وراء الانشقاقات، معتبرا أنها حالة فردية لكل حزب ومست كل الأحزاب المعارضة والموالية للسلطة وليست محصورة في تيار معين مرتبطة بتقاطع المصالح والإكراهات السياسية، أساسها تضخم» الأنا» والرموز الحزبية الذين اعتقدوا أنهم أصبحوا زعماء وغرتهم المناصب على حساب باقي الإطارات الحزبية. وحمّل جمال بن عبد السلام السلطة مسؤولية وقوفها وراء هذه الانقسامات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، متجاهلة تداعيات الظاهرة على المشهد السياسي ومصلحة البلاد، التي لم تعد تسير بمنطق الدولة، بل أصبحت عبارة عن «محشاشة «يتحكم فيها أشخاص تقرر ما يخدم مصالحها، وهو نفس المنطق الذي تسير به الأحزاب باعتبارها صورة مصغرة عن الجزائر. من مسؤولية السلطة تشجيع الأحزاب على الاستقرار وتكوين نخبة جريئة لتكريس دولة القانون ونوّه المتحدث بأنه من مسؤولية السلطة تشجيع الأحزاب على الاستقرار لتقوية صفوفه وأخذ نفس جديد بعد مرحلة من الصراعات أفقدتها فعاليتها والمساعدة على تأسيس نخبة جريئة قادرة على فرض نفسها لتكريس دولة القانون، لكن الساحة السياسية وبممارسة السلطة حاليا ستؤدي بالبلاد إلى و ضع كارثي.