تفاجأ سكان مدينة بنغازي - معقل الثورة الليبية - بانتشار قوات الصاعقة في شوارع المدينة الرئيسية والفرعية لحفظ الأمن، بعد مشهد انتشار الجثث المتفحمة الأسبوع الماضي إثر انفجار سيارة مفخخة بالقرب من مستشفى الجلاء. وقبل التفجير الأخير - وهو الأعنف منذ اندلاع الثورة التي أطاحت بالعقيد الراحل معمر القذافي - استهدفت قنابلُ وعبواتٌ ناسفة مراكز شرطة وسيارات أمن، وتكررت التفجيرات في شوارع بنغازي، التي قال عنها وزير الدفاع محمد البرغثي إنها "مستهدفة" لدورها في إطلاق شرارة ثورة فيفري 2011. وقال البرغثي إن قوات الصاعقة - وهي قوات قتالية مكونة من 16 ألف مقاتل - تعمل ضمن الوحدات العسكرية المنتشرة هذه الأيام، مؤكدا أنها بالمرصاد لمن وصفهم ب "العابثين والمخربين". وأضاف الوزير أن نزول هذه القوات سببه "غياب الشرطة المحترفة" التي من المفترض أن تنزل إلى الشارع، مؤكدا أنه لم يتوقع أن تصل التفجيرات إلى حد إزهاق أرواح المواطنين الذين "أصبحوا في رعب وخوف" نتيجة التفجيرات الكبيرة. وذكر البرغثي أنه ليس من مهام الجيش النزول إلى الشوارع، إلا أن "الفراغ الأمني الكبير اضطر الحكومة إلى إنزال قوات النخبة" للقضاء على ظاهرة التفجيرات وملاحقة مرتكبيها، رافضا "العبث بأرواح المواطنين". وأكد أن الصاعقة لديها "مهام محددة ضمن العملية الأمنية"، وأنها ستدهم "أوكارا تدور حولها الشبهات"، منها أماكن بيع السلاح والمتفجرات، مشيرا إلى أن هذه القوات منتشرة على الأرض بالتعاون مع وزارة الداخلية والمباحث العامة، و"لديها قوائم مطلوبين، وستدهم كل من يعبث بالأمن والأمان". وقال الوزير الليبي إن "الشعب رحب بالقوات النظامية، ولا أحد اعترض على وجودها"، مؤكدا أنها زرعت الطمأنينة في نفس المواطن العادي. وعن تزامن الانتشار العسكري مع حديث وسائل إعلام أميركية عن خطة لاستهداف مواقع "متشددين" في بنغازي وضواحيها، قال البرغثي إن "هذا لا يصدق، وهو تهويل إعلامي تدفعه أجندة خفية". تدخل تفرضه الضرورة وقال آمر قوات الصاعقة العقيد ونيس بوخمادة إن سبب نزول قواته بهذا الحجم هو الخشية من تفاقم الانفلات الأمني، مؤكدا استعداد قواته للانسحاب "في أي لحظة" إذا ما طلبت منها الجهات العليا الانسحاب، لكونها "جهة نظامية خاضعة للأوامر العسكرية". وعبر بوخمادة عن امتنانه لدعم الشعب والتفاف مختلف أطيافه حول القوات للحد من أعمال العنف والتفجيرات. وأضاف أن حماية الشوارع ليست من مهام القوات القتالية الخاصة، إلا أن الظروف الحالية استدعت التدخل. وبشأن التأخر في التدخل طيلة الأشهر الماضية، قال إن "القوات كانت داخل ثكناتها، وحين صدرت الأوامر بالتدخل لم تتردد". من جهته، كلف المؤتمر الوطني العام (البرلمان) رئاسة الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة لحل الكتائب المسلحة قبل نهاية العام الجاري. وفي بيان التكليف الذي أصدره البرلمان، أمس الاثنين، طالب رئاسة الحكومة الليبية باتخاذ الإجراءات العملية لإنهاء الوجود الفعلي لكافة الكتائب والتشكيلات المسلحة في مناطق ليبيا ولو باستعمال القوة العسكرية وألزمها بتقديم خطة خلال أسبوعين.