"لا ننتظر الكثير من الرئاسيات المقبلة"، "مرشحون تعودنا على وجهوهم ولا نعلّق أي أمل عليهم"، "لن نقبل أن نكون ديكورا في هذه الإنتخابات"، "إرادتنا في الإختيار هُزمت في الكثير من المرات فلا حاجة لأصواتنا"، "الرئاسيات بالنسبة إلينا لا حدث ". هي التصريحات التي أدلى بها الكثير من المواطنين ل«الجزائرنيوز" حول موضوع الإستحقاقات الرئاسية المقبلة وصداها في الشارع الجزائري بعد مرور أكثر من 10 أيام من استدعاء الهيئة الناخبة. إن اختلفت الآراء من مواطن إلى آخر، فيما يخص موضوع الإستحقاقات القادمة بعد مرور 15 يوما من بداية هذا السباق رسميا باستدعاء الهيئة الناخبة، إلا أن فحوى معناها يصب في قالب واحد العاكس لغياب أي اهتمام فعلي لدى المواطنين حول هذا الموعد المرتقب، نتيجة لم تكن عفوية وإنما صنعتها عدة عوامل قد تكون أهمها محصورة في قناعة الجزائري بأن الرئاسيات المقبلة لن تصنع نتائجها وفق إرادة الشعب، وأن الأمر قد حسم في الكواليس لصالح من يرون فيه الشخص الأمثل لتحقيق إستمرارية النظام القائم. 15 يوما تمر والإنتخابات "لا حدث" بالنسبة للجزائريين لم يبد أغلبية الجزائريين ممن تحدثنا إليهم أي اهتمام بموضوع الرئاسيات المقبلة، إلى درجة وصفوها ب "لاحدث" بالنسبة لهم، وذلك ظهر جليا في كلامهم. وفي هذا الشأن، صرحوا بأن الغموض السائد حاليا حول مسائل عدة متعلقة بهذا الحدث المرتقب، جعلتهم لا يولون أي اهتمام به إلى حد الآن "حقيقة ودون مبالغة لسنا على اطلاع بكل تفاصيل هذا الموضوع". وأضاف مواطن آخر في هذا الصدد، بأن عدم اهتمامه بالرئاسيات المقبلة لم يلد من العدم، وإنما قناعة على أن صوته يوم الإقتراع لن يزيد شيئا في المسار الذي ستتخذه نتائج الإنتخابات في نهايتها، وأشار "عميروش" وهو طالب جامعي، إلى أن الشخصيات السياسية التي أعلنت عن ترشحها إلى حد الساعة هي نفسها التي ألف عليها المشهد السياسي في الفترات الماضية، والتغيير من أوضاع المجتمع جد مستبعد، "لكون أننا كنا على تجربة مع سياستهم في السنوات الماضية، هذا باستثناء بعض الشخصيات السياسية الجديدة التي ظهرت على الساحة السياسية والتي أراها بأنهم مرشحون لا حول ولا قوة بهم، لذا لا أريد الإهتمام بأمر لن يحمل أي جديد إيجابي". وفي السياق ذاته، أضاف متحدث آخر "والله أنا جد منهمك بعملي اليومي ومشاكل غلاء المعيشة ولا وقت لي للإهتمام بالإنتخابات التي أراها بأنها شكلية في مضمونها، وما أبحث عنه ليس في الشخصية التي سيتم انتخابها رئيسا للبلاد، وإنما ما هو بمقدوره أن ينجزه للتخلص من هاجس غلاء المعيشة وضعف القدرة الشرائية". شبهة "التزوير" تثير نفور الجزائريين من الرئاسيات المقبلة لعل من الأسباب الأخرى التي "صنعت" نفور الجزائريين من الإستحقاقات القادمة، تكمن في قناعتهم من أن الإهتمام بهذا الموعد الإنتخابي ومعرفة الأسماء التي أعلنت عن ترشحها والإختيار منها الشخصية الأنسب لقيادة البلاد يوم 17 افريل. هي إجراءات شكلية وسطحية، جراء أن نتائج الإستحقاقات ستحدد وفق إرادة النظام وليس وفق إرادة الشعب "أرفض المشاركة من أجل المشاركة في الإنتخابات لأضفي شرعية عليها ما دام نتائجها حسمت في الكواليس للمرشح الذي يريد النظام تقديمه كمرشح". كما رفض العديد من المواطنين، أن يكونوا بمثابة ديكور في الإستحقاقات القادمة، "لذا فضلنا أن نكون بعيدين عن هذا المشهد السياسي تجنبا أن نكون طرفا في مهزلة سياسية قد تشهدها البلاد عن قريب". كما أشار محدثونا إلى أن عدم إحترام إرادة الشعب في الإنتخابات الماضية، جعلنا نرفض مبدأ المشاركة من أجل المشاركة فقط "إرادة الشعب في الإختيار الحقيقي لم تحترم أبدا حتى في الإنتخابات المحلية وما أدراك في هذا المستوى". 85 مترشحا إلى حد الآن والاهتمام مركز على اسمين فقط إن كان هناك أهتمام لدى بعض المواطنين الذين تحدثنا إليهم فيما يخص الإنتخابات الرئاسية المقبلة، فهو مرتبط بالأسماء التي أعلنت ترشحها لخوض غمار هذه الإستحقاقات، فمجاله ينحصر في شخصيتين فقط رغم أن هناك 85 مرشحا إلى حد الساعة الذين قاموا بسحب إستمارات ترشحهم من وزارة الداخلية. وفي هذا الصدد، صرح عمي محمد شيخ في الستينيات "إلى حد الساعة إني على علم بأن علي بن فليس قد ترشح وهو في انتظار إعلان بوتفليقة عن ترشحه رسميا". كما أضاف مواطن آخر "الحدث بالنسبة لي ليست الإنتخابات بحد ذاتها وإنما في تشرح بوتفليقة من عدمه". في حين أضاف آخر، بأن التشكيلات السياسية أو الشخصيات التي أعلنت عن ترشحها إلى حد الساعة هي أطراف ستكون على هامش لعبة الإنتخابات، كما إن ظهورها يقتصر فقط عند حلول أي موعد إنتخابي "لا حاجة للإهتمام بمرشحيها أو ببرامجهم، لأنها بطبيعة الحال ستكون بمثابة ديكورا فقط لهذه الإنتخابات". كما أجمع البعض الآخر، أن اهتمامهم بشخصية على بن فليس لم تكن من عدمها، بل لكونه الوحيد الذي قد ينافس بوتفليقة على خلفية منصبه الحالي، وهل باستطاعته هذه المرة أن يقول كلمته ويتجنب من جديد تكرار سيناريو 2004. ترشح بوتفليقة من عدمه يشغل بال الجزائريين ما لوحظ من حديث الكثير من الجزائريين، هو أن الحدث السياسي المرتقب لديهم ليست الإنتخابات وكذا المرشحين الذين أعلنوا عن ترشحهم إلى حد الساعة، وإنما ما يشغل تفكيرهم أكثر هو إمكانية ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة على التوالي من عدمها، حيث قالوا "والله، الحدث بالنسبة لنا هو ترشح بوتفليقة أو انسحابه من الرئاسيات المقبلة". وصرحوا بأن اهتمامهم بهذا الأمر هو حتمية، كانت نتيجة لعدة عوامل بحكم التجربة التي اكتسبوها في المواعيد الإنتخابية الماضية "عدم ترشح بوتفليقة للرئاسيات المقبلة من الممكن جدا أن يفتح أبواب التغيير الإيجابي للجزائر". وأضافو "ترشحه هو حسم مسبق لنتائج الرئاسيات ودليل كاف لإستمرارية النظام القائم". كما أشار "صالح.ب"، شاب يبلغ من العمر 26 سنة " بصراحة أنتظر بكل شغف موقف بوتفليقة من الإنتخابات المقبلة" موضحا "أستطيع القول إن حاشية الرئيس نجحوا في خلق هذا السوسبانس في نفسي، وأعتقد أن الكثير من المواطنين يقاسمونني نفس التفكير". حتى المقاطعين خارج اهتمام الجزائريين لا مبالاة الشارع الجزائري حول موضوع الرئاسيات المقبلة، لم يشمل فقط عدم معرفتهم بهؤلاء المرشحين، وإنما امتدت لتمس الطرف الثاني في هذه اللعبة، والذين أعلنوا بعد عن مقاطعة الإنتخابات المقبلة بسبب وجود دلالات ذات قناعة بترشح بوتفليقة لعهدة رابعة. حيث أكد ممن تحدثنا إليهم بأنهم يجهلون أسماء الأحزاب التي تبنت خيار المقاطعة إلى حد الساعة "لا نعلم أي إسم حزب أو شخصية سياسية تبنت خيار المقاطعة". كما راح البعض الآخر ليشرحوا سبب إنقطاعهم وحتى متابعة ما تقدم عليه من أفعال المعارضة بالجزائر بالقول "المعارضة في الجزائر حاليا فقدت شرعية قراراتها لكونها هي طرف ثاني في النظام القائم الذي يلعب ما وراء الستار". كما أضافو "لماذا اختارت بعض الأحزاب مقاطعة هذه الرئاسيات ما دام أن الوقت لا يزال مبكرا". وهي الفكرة التي وافق عليها الكثير من المواطنين، عندما أشاروا إلى أن خيار هذه الأحزاب بالتوجه نحو خيار المقاطعة مسبقا ومن رغم عدم إعلان بوتفليقة ترشحه بعد، هو تواطؤ في الحقيقة مع النظام، ويجعلنا نؤمن أكثر بأن المعارضة في الجزائر لا وجود لها "لماذا نهتم بالمقاطعين مادامت تجربتنا السابقة معهم لم تزيد أو تنقص من الوضع شيئا". شبح مقاطعة الجزائريين للرئاسيات يلوح في الأفق واستنادا إلى مختلف الآراء والأصداء التي استقيناها من مواطنين ومن مختلف شرائح المجتمع حول الإستحقاقات المقبلة بعد مرور 14 يوما من استدعاء الهيئة الناخبة رسميا، يبدوا أن شبح مقاطعة موعد 17 أفريل القادم يلوح في الأفق وبقوة من رغم أن أكثر من شهرين ونصف تفصلنا عن هذا الموعد. حيث إن سيناريو الإنتخابات الماضية، من الممكن جدا أن يتكرر وبشدة أكثر خلال الرئاسيات المقبلة. وإن عزوف المواطنين عن صناديق الإقتراع إحتمال وارد جدا قد تقف من ورائه عدة عوامل تكمن أهمها في الغموض الكبير الذي يسود الأجواء التحضيرية لهذه الإنتخابات، فضلا عن التجربة التي اكتسبها المواطنين في الإنتخابات الماضية. الوضع الذي قد يدفع بالنظام الحالي، خصوصا في حالة تقديمه للمرشح الذي يراه الأنسب لتحقيق الإستمرارية والإستقرار، إلى اعتماد طرق وأساليب كثيرا ما تكون غير قانونية لإضفاء الشرعية على هذا الموعد الإنتخابي المنتظر.