خلّفت زيارة عبد المالك سلال إلى ولاية تيزي وزو، أمس، في إطار حملته الانتخابية لصالح المترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة، حالة طوارئ رسمت مشاهدها موجة من الاحتجاجات، قادها العشرات من الطلبة وأنصار الحركة الانفصالية لمنطقة القبائل "الماك" وكذا أعضاء حركة "DZ" وبعض المقاطعين لرئاسيات 17 أفريل والرافضون للعهدة الرابعة، وهي الاحتجاجات التي عرفت اعتقال ما لا يقل عن 40 شخصا من طرف قوات الأمن التي فرضت خناقا أمنيا على عاصمة الولاية منذ الساعات الأولى من نهار أمس، فضلا عن حرق وتمزيق صور المترشح بوتفليقة. شهدت مدينة تيزي وزو منذ الساعات الأولى من نهار أمس، حصارا أمنيا مكثفا ميّزه الانتشار غير العادي لعناصر قوات الأمن بجميع شوارع وأزقة عاصمة الولاية، حيث جنّدت السلطات العمومية وحسب تقدير مصدر أمني مطلع، ما لا يقل عن 1000 شرطي بالزي الرسمي والمدني من أجل تأمين زيارة عبد المالك سلال إلى الولاية، وبغية أيضا تجنب ما شهدته أول أمس ولاية بجاية من أحداث واحتجاجات ألغى سلال على إثرها التجمع الشعبي الذي كان مقررا أن ينشطه بالولاية. كما أقدمت قوات الأمن على غلق كل الطرق الرئيسية المؤدية إلى دار الثقافة مولود معمري، وهو المشهد الذي أعاد بأذهان المواطنين إلى العشرية السوداء وكذا أحداث الربيع الأسود في 2001 وهو الأمر الذي أكدوه في تصريحاتهم ل«الجزائر نيوز". وتسببت عملية غلق الطرق الرئيسية لمدينة تيزي وزو، في شلّ حركة المرور على مستواها لساعات عدة خصوصا في ظل تزامن ذلك مع عودة التلاميذ والطلبة إلى مقاعد دراستهم، وهو الوضع الذي استمر على حاله لساعات طويلة وحتى ما بعد مغادرة سلال لعاصمة الولاية. كانت الساعة تشير إلى التاسعة صباحا، عندما بدأ المعارضون للعهدة الرابعة بالتجمع بالقرب من دار الثقافة مولود معمري مكان تنشيط سلال لتجمعه الشعبي، إلا أن قوات الأمن التي كانت حاضرة بقوة في الموقع، منعت أي تجمع لمواطنين يتجاوز عددهم الأربعة بالقرب من المدخل المؤدي إلى قاعة العروض الكبرى لدار الثقافة بتيزي وزو، وأقدمت على شنّ موجة من الاعتقالات الفردية لبعض المواطنين الذين حاولوا التظاهر ضد العهدة الرابعة وتحويلهم إلى مقر الوحدة الثانية للأمن الحضري بمدينة تيزي وزو، أغلبيتهم من أعضاء "حركة DZ" وأنصار "الماك" الذين رفعوا شعارات عديدة "بوتفليقة ارحل"، "البلاد حرّرها الرجال وسيطر عليها الحركى"، "النظام ارحل"، إضافة إلى "اولاش الفوت أولاش"، كما أن الصحفيين المحليين الذين كُلفوا بتغطية زيارة سلال إلى الولاية لم يسلموا من حملة الاعتقالات التي قادتها قوات الأمن. كما أقدمت قوات مكافحة الشغب التي طوّقت المدخل الرئيسي لجامعة مولود معمري بتيزي وزو، بمنع مسيرة الطلبة التي دعت إليها حركة الطلبة الجزائريين الديمقراطيين للتظاهر ضد زيارة سلال إلى الولاية، وقامت باعتقال 20 طالبا بعد محاولتهم تنظيم مسيرة إلى غاية مكان تنشيط التجمع الشعبي لمدير الحملة الانتخابية للمترشح الحر بوتفليقة. تصعيد الاحتجاج بعد نهاية التجمع عرفت موجة الاحتجاجات سواء أثناء إلقاء عبد المالك سلال لكلمته بداخل قاعة العروض لدار الثقافة مولود معمري أو بعد نهاية التجمع، تصعيدا شديدا وكادت أن تخرج عن نطاقها السلمي خصوصا بعد نقل الطلبة احتجاجهم إلى موقع التجمع والتحاقهم بالعشرات من المعارضين للعهدة الرابعة، مطالبين بإطلاق سراح الطلبة المعتقلين، منددين في نفس الوقت بقمع حرية التعبير وحق التظاهر، مرددين شعارات عديدة على غرار "يا عميروش يا الحواس الجزائر ما هي لباس".. وهي الأوضاع التي استمرت إلى ما بعد مغادرة سلال لمكان التجمع من الباب الخلفي لدار الثقافة، حيث رفض المحتجون مغادرة موقعهم إلى غاية إطلاق سراح جميع الموقوفين. وشهد الاحتجاج مناوشات كلامية بين أنصار بوتفليقة والمحتجين كادت أن تتطور لولا تدخل قوات الأمن، حيث أقدمت على تفريقهم، وهي اللحظات التي عرفت إقدام بعض المحتجين وتعبيرا عن غضبهم، بتمزيق جميع صور المترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة وإضرام النار فيها، هذا قبل أن يفترق الجميع في حدود الساعة الواحدة زوالا بتنظيم مسيرة سلمية من وسط مدينة تيزي وزو باتجاه جامعة "حسناوة"، وذلك بعد إخلاء سبيل جميع الموقوفين. ندّدت جمعية صحفيي ومراسليي ولاية تيزي وزو، أمس وفي بيان لها تلقت "الجزائر نيوز" نسخة منه، بالمضايقات التي مارسها عناصر الأمن ضد الصحفيين المحليين بالولاية الذين كلفوا بتغطية زيارة عبد المالك سلال إلى تيزي وزو وكذا محاولة اعتقالهم "العديد من الزملاء الصحفيين الذين كلفوا بتغطية زيارة عبد المالك سلال مدير الحملة الانتخابية للمترشح بوتفليقة يوم 6 أفريل إلى تيزي وزو، كانوا ضحية ولمرة أخرى لمضايقات رجال الأمن خصوصا أثناء الحركة الاحتجاجية التي نظمها العشرات من الطلبة بالقرب من مكان التجمع". وأضاف البيان "الجمعية ووفاء منها وحرصها على المصالح المعنية لجميع الصحفيين، فإنها تبلغ الرأي العام بهذه التجاوزات غير المسموحة وتخطر مسؤولي المصالح الأمنية بالولاية للتدخل والحد من هذه الممارسات التي لا تشرّف لا مؤسسات الدولة ولا مبادئ الديمقراطية"، "وإنما هي مساس وقمع حرية التعبير وعرقلة الصحفيين لأداء مهامهم بشكل خاص".