أجمع المشاركون في ملتقى ابن شنب، أن العلامة الجزائري والعربي والعالمي محمد بن أبي شنب، قد تميز عن غيره من العلماء بجمعه لصفتي الأصالة والمعاصرة، وحرصه على ترسيخ الخصوصية الثقافية العربية وقيادته لمختلف أوجه المقاومة الثقافية داخل الجامعة وكذا ابتعاده عن المجال السياسي الذي لم يكن من اهتماماته· الهواري غزالي (أستاذ بجامعة بوردو) حارب فرنسا بالترجمة من مميزات بن أبي شنب قيادته للمقاومة الثقافية داخل الجامعة ليكون قدوة لفرانس فانون وعلي الشريعاتي· لقد تميز العلامة الجزائري محمد بن أبي شنب، بكونه من بين من قادوا المقاومة الثقافية داخل الجامعة في مطلع القرن العشرين بالجزائر من خلال أعماله الفكرية الكثيرة والثرية خلال مسيرته العلمية والثقافية الحافلة في جميع الميادين· وتظهر روح المقاومة الثقافية لديه من خلال ترجمته لنص البيداغوجيا الإسلامية الذي ترجمه من العربية إلى الفرنسية، وقد تميز بن أبي شنب بنظرته وبعده العلمي للأشياء من خلال أعماله ليتصدى بذلك للسياسة الثقافية الفرنسية التي سطرها الفرنسيون في الجزائر منذ الاحتلال، وقد كان بن أبي شنب يركز كثيرا على الهوية الثقافية ومقاومة الهيمنة، وكان مثالا يقتدى به في سياسته المقاومة هذه من طرف شخصيات معروفة على غرار فرانس فانون وعلي الشريعاتي··· بشير كحيل (أستاذ بجامعة عنابة) الحريص على ترسيخ الخصوصية الثقافية العربية لقد تميز العلامة الراحل محمد بن أبي شنب، بكونه من بين العلماء الأفذاذ الذين بزغ نور علمهم في الجزائر خاصة وفي العالم عامة، وآثاره تشهد على ذلك لكونها تشكل ذاكرة حية لمختلف الأجيال، وقد كان بن أبي شنب دائما يسعى إلى تحقيق الخصوصية الثقافية التي تشكل قاسما مشتركا بين الأفراد والجماعات، وقد كان لمشروعه الفكري العديد من الخصوصيات التي بني عليها على غرار هاجس العالمية الذي كان يراوده ويدفعه إلى النهوض على فكرة التأثير والتأثر بين أشكال الأدب العربي مع غيرها من آداب بقية الأمم، وقد كانت المقارنة تستوجب إجادة عدة لغات، وهو لم يكن لديه أي إشكال في ذلك، فقد كان يجيد تسع لغات إلى جانب تمكنه من الترجمة، وقد كان انشغاله كبيرا بالمسألة التاريخية التي تتجسد في بعض مؤلفاته، كما كان واعيا بالمسألة التراثية· عبد الحميد بورايو (كاتب ومؤرخ) تميز بن أبي شنب بابتعاده عن السياسة بشهادة جزائريين وعرب ومستشرقين لقد كان للعلامة الكبير حضوره المتميز في شتى الميادين بشهادة من عايشوه خلال مسيرته العلمية والثقافية المليئة بالإنجازات، فقد كان يسعى دائما إلى الظهور بصفة المحافظ على الأصالة والمتفتح على ثقافة الآخر، كما عرف باهتمامه بجميع الميادين ما عدا السياسة بشهادة العديد من العلماء الجزائريين والعرب وحتى المستشرقين· فقد كتب عبد الرحمن الجيلالي عنه بأنه لا يدور حول ناحية السياسة لأنه متأثر بكلام الإمام محمد عبده الذي يقول دائما ''أعوذ بالله من السياسة''، لكنه يذكر الجيلالي في كتابته عن بن شنب أنه كان يأمل ألا يعيش اليوم الذي ستحتفل بها فرنسا بمئوية احتلال الجزائر، فكان له ذلك وقد وافته المنية قبل هذا التاريخ· كما يشهد له العلامة عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي لكونه متقدما عن أبناء عصره ومن رجال النهضة العربية الإسلامية· كما يشهد له القوميون العرب كذلك بتمسكه بدينه وثقافته، وقد كان عضوا في مجمع اللغة العربية بسوريا، وهو الموقف نفسه الذي يعرفه بعض المستشرقين على غرار ''ألفريد بيل'' الذي يعتبره متمسكا بدينه ولباسه التقليدي، ولم يرض في يوم من الأيام بالجنسية الفرنسية بالرغم من أنه كان مشبعا بهذه الثقافة ومطلعا عليها· يمينة شيكو (أستاذة بالمدرسة العليا للأساتذة بوزريعة) الجامع بين الأصالة والمعاصرة من بين المميزات التي انفرد بها العلامة الجزائري، محمد بن أبي شنب، عن غيره من العلماء كونه كان يجمع دائما بين الأصالة والمعاصرة، فقد كان لباسه دائما تقليديا، بينما كان متفتحا ومعايشا لعصره في شتى العلوم والثقافات· ويظهر جمعه لكلا العنصرين من أصالة ومعاصرة في مختلف آثاره وأعماله التي تشهد على حرصه على المحافظة على التراث الثقافي، فقد كان قلقه كبيرا على التراث العربي والإسلامي الأصيل الذي كان يسعى دائما للحفاظ عليه في شتى الميادين من التربية والتعليم، إلى التاريخ والتراجم والسير، إلى التراث الشعبي، ثم الاهتمام بأعمال المستشرقين، فقد ركز اهتمامه على مكتبة المسجد الكبير في التعليم وعلى الألفاظ التركية والفارسية في اللغة الجزائرية وطبقات علماء إفريقيا لأبي العربي في ما يخص التراجم والسير، كما اهتم بتأليف كتاب ''الأمثال الجزائرية والمغاربية'' الذي يحمل منطقا في الترتيب والإحالة والترجمة إلى الفرنسية، كما ساهم في دائرة المعارف الإسلامية، وإلى جانب ذلك كان مهتما بأعمال المستشرقين والتعليق عليها حفاظا على التراث العربي والإسلامي من التزييف والتحريف·