يعقد مجلس الأمن الدولي، اليوم الخميس، اجتماعا استثنائيا من أجل مناقشة أوضاع اللاجئين في محافظة درعا، جنوب غرب سوريا واتخاذ خطوات ملموسة لتحسين الوضع الإنساني بالمنطقة التي شهدت نزوح ما يقدر بنحو 270 ألف شخص، وذلك في ضوء استمرار العمليات العسكرية للقوات الحكومية وبدعم من الطيران الروسي، للأسبوع الثاني على التوالي بمناطق متعددة من هذه المحافظة الحدودية مع الاردن. في هذا السياق، دعا ممثل البعثة السويدية لدى الأممالمتحدة- التي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن خلال الشهر الجاري - لعقد هذا الاجتماع الاستثنائي للمجلس، من أجل مناقشته أوضاع اللاجئين في الجنوب الغربي من سوريا، حيث قال ممثل البعثة الدبلوماسية، في بيان له، أمس، «لقد طلبنا من مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تزويد المجلس بمعلومات مستكملة عن الوضع الإنساني الحالي والاستجابة له، كما أننا نريد مناقشة ما إذا كانت هناك خطوات ملموسة يمكن اتخاذها لتحسين الوضع الإنساني، في المحافظة، حيث تم تسجيل حاليا 270 ألف لاجئ بسبب زيادة حدة القصف». وهو «أكبر نزوح» تشهده المنطقة منذ عام 2011 عندما بدأت الأزمة، بحسب الأممالمتحدة. لفت ممثل البعثة السويدية الانتباه إلى حقيقة، أن «زيادة العنف تتعارض مع القرار 2401، مؤكدا «ضرورة تكثيف الجهود لنزع فتيل العنف، فضلا عن ضمان إمكانية الانتشار السريع لقافلة تابعة للأمم المتحدة عبر الحدود من الأردن، والتي هي في وضع الانتظار عند الحدود». وإزاء التصعيد في سوريا، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في وقت سابق، ل «وقف فوري للعمليات العدائية، في جنوب غرب سوريا»، مشيرا إلى أن « تلك المنطقة من البلاد جزء من اتفاق تهدئة متفق عليه بين الأردنوروسيا والولايات المتحدة في عمان في جويلية 2017،» مطالبا «الأطراف الضامنة للاتفاق إلى الوفاء بالتزاماتها». كما أعرب الامين الاممي عن «قلقه العميق» إزاء التصعيد وآثاره المدمرة على المدنيين، داعيا «جميع الأطراف إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، وحماية المدنيين، وتيسير وصول المساعدات الإنسانية بأمان وبدون عوائق» وقال: «يجب على جميع أصحاب المصلحة وقف الهجمات الموجهة ضد المرافق الطبية والتعليمية على الفور، وإتاحة الظروف الأمنية اللازمة لاستئناف عمليات الأممالمتحدة لتوصيل المساعدات الإنسانية عبر الحدود دون مزيد من التأخير». كان مبعوث الأممالمتحدة الخاص لسوريا، ستيفان دي ميستورا، قد حذر مؤخرا، من أن «معركة واسعة النطاق» في المنطقة الجنوبية الغربية، التي كانت تنعم بالهدوء سابقا، قد تؤثر على منطقة وتعداد سكاني يضاهي مساحة وعدد سكان مناطق الغوطة الشرقية وحلب مجتمعة. للتخفيف من المعاناة الانسانية للاجئين، تقوم الأممالمتحدة، بدءا من أول جويلية عند معبر نصيب» جابر الحدودي بين سورياوالاردن، بتقديم المساعدات إلى الجانب الأردني بالتنسيق مع السلطات المحلية، والتي يتم بعد ذلك نقلها من قبل الشركاء السوريين إلى الجانب السوري لتوزيعها، وفقا لما ذكره في وقت سابق، المتحدث باسم الأممالمتحدة، فرحان حق. تشير التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأردنيين إلى أن «اهتمام الجانب الأردني ينصّب على منع تدفق مزيد من اللاجئين السوريين إليه أولا والتوصل الى اتفاق ما. كما يرغب الأردن بتحقيق نوع من الاستقرار والأمن في هذه المنطقة وبالتالي عودة أكبر عدد ممكن من اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيه، مما يخفف الأعباء التي يتحملها خاصة في ظل تراجع الدعم الدولي لهؤلاء اللاجئين، بحسب تقارير صحفية. في هذا السياق، قال رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز - في تصريحات صحفية - أن «بلاده لن تستقبل لاجئين جدداً من سوريا تحت أي ظرف والأردن استقبل لاجئين أعلى من قدرته ولن يتمكن من استقبال مزيد منهم»، مضيفا أن «الحدود الأردنية محكمة السيطرة ومنيعة ولا خوف عليها بفضل الجيش الأردني والقوات المسلحة». مع العلم أن الأردن يستضيف نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأممالمتحدة، في حين أن الرقم الإجمالي للسوريين الذين نزحوا إلى الأردن منذ بدء الأزمة يبلغ 1.3 مليون شخص، وفق ما أفادت التقارير. ستكون عودة فتح الطريق البري بين الأردنوسوريا والذي يمر عبر محافظة درعا له أثار إيجابية على الاقتصاد الأردني، حيث أن الأردن هو الممر البري للصادرات اللبنانية والتركية المتجهة إلى دول الخليج والقارة الأفريقية، بينما تتحدث بعض الأوساط عن نية روسيا فتح المعبر الحدودي بين سورياوتركيا والواقع قرب مدينة إعزاز في ريف حلب الشمالي وصولا الى مدينة حلب عبر الطريق الذي يعرف محليا باسم «اوتوستراد غازي عنتاب»، مما يسمح لروسيا بالوصول إلى سوريا براً عبر تركيا. دعوة الحكومة السورية مواطنيها إلى العودة إلى وطنهم الأم استعادت القوات الحكومية وبدعم من الطيران الروسي بعملية عسكرية كبيرة، خلال الأسبوع الثاني على التوالي، السيطرة على المحافظة التي تبلغ مساحتها الاجمالية نحو 3.7 ألف كم مربع، حيث تؤكد التطورات المتسارعة توسيع سيطرة القوات على 58٪ من مساحة هذه المنطقة واسترجاعها من قبضة الجماعات المسلحة، لاسيما بعد تحريرها نحو 70 بلدة في عملياتها العسكرية في ريف درعا الشرقي والعديد من البلدات الاخرى لقطع «خط امداد المسلحين» في رسالة واضحة الى عدم إيقاف عملياتها على مواقعهم ومواصلة استعادة كل شبر من أرض الوطن. فبعد أن أحكم الجيش السوري سيطرته على الغوطة الشرقية ومخيم اليرموك جنوبدمشق وتأمينه محيط العاصمة دمشق بالكامل، باتت استعادة المنطقة الجنوبية عموما ضرورة «ميدانية كبيرة « حيث انه في فترة قصيرة «سيطر الجيش السوري على العديد من البلدات بالمحافظة، ليتمكن بذلك من قطع خط امداد المسلحين»، وفق ما نقلته صحيفة «الوطن» السورية، عن مصدر عسكري. في هذا الصدد، دعت وزارة الخارجية السورية المواطنين السوريين الذين اضطرتهم الحرب والاعتداءات الإرهابية لمغادرة البلاد إلى العودة إلى وطنهم الأم، حيث أكدت أنه «بعد الانجازات المتتالية التي حققها الجيش والقوات المسلحة في سوريا وتحرير مناطق كثيرة من رجس الإرهاب سواء بالعمليات العسكرية أو بالمصالحات والتي أدت جميعها إلى عودة الكثير من الأهالي النازحين داخليا إلى قراهم ومناطقهم التي تحررت فإن الدولة السورية تدعو أيضا المواطنين السوريين الذين اضطرتهم الحرب والاعتداءات الإرهابية لمغادرة البلاد للعودة إلى وطنهم الأم بعد تحرير العدد الأكبر من المناطق التي كانت تحت سيطرة الإرهابيين» . أضافت الوزارة أن «حكومة الجمهورية العربية السورية تؤكد أنها مسؤولة عن مواطنيها وأمنهم وسلامتهم وتأمين احتياجاتهم اليومية من الحياة الكريمة وما يتطلبه ذلك من بنى تحتية ومدارس ومشاف وغيرها وتشدد في الوقت نفسه على ضرورة أن تتحمل المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي مسئولياتهم في هذا الخصوص للمساهمة في توفير متطلبات العودة الطوعية للمواطنين السوريين إلى بلادهم»، مضيفة «إن سوريا حكومة وشعبا تتكاتف الآن لإزالة آثار الحرب الإرهابية التي استهدفت الشعب السوري ومقدراته» مشددة على أن إعادة إعمار سوريا ستكون بأيدي السوريين أنفسهم «بكل كوادرهم وخبراتهم سواء من بقوا في البلاد أو الذين اضطرهم الإرهاب والإرهابيون لمغادرتها». وقد تجمع المئات من أهالي بلدة داعل بريف درعا الشمالي في الساحة الرئيسية للبلدة خلال الاسبوع الحالي تأكيدا على مواقفهم الداعمة للجيش السوري، موضحة أنه خلال التجمع رفع عناصر من الجيش العلم السوري وسط البلدة إيذانا بإعلانها آمنة ومستقرة وخالية من الإرهابيين بعد أن «استسلم المسلحون وسلموا أسلحتهم وذخيرتهم وعتادهم تحت ضغط العمليات العسكرية للجيش». من جانبه، يواصل المبعوث الأممي إلى سوريا ستافان دي مستورا جهوده الدبلوماسية قبيل الجولة الجديدة من مسار أستانا المقرر انعقادها نهاية جويلية الجاري. وكان دي ميستورا قد شرع قبل أيام في مشاورات دولية واسعة في مقر الأممالمتحدة للتوجه نحو دعوة مختلف الأطراف السورية لبدء العمل على وضع دستور جديد للبلاد، تشمل كلا من روسيا وإيران وتركيا، إضافة إلى بريطانيا وفرنسا وألمانيا والأردن والولايات المتحدة وبلدان أخرى على علاقة بالملف.