عرفت أسواق النفط العالمية خلال الأسبوع الماضي حالة من التذبذب في الأسعار، بعد التراجع القياسي لها، والذي لم يسجل منذ حوالي سنة، متأثرة بعدة عوامل، أبرزها تداعيات أزمة الديون السيادية في منطقة الأورو، وإحتمال إمتداد آثارها إلى مناطق أخرى من العالم، الأمر الذي ينذر بوقوع أزمة مالية عالمية أخرى، قد تكون أقل حدة من تلك التي عصفت بالإقتصاد العالمي في سنة 2008. أنهت أسعار النفط تعاملاتها، نهاية الأسبوع الماضي على إرتفاع طفيف، حيث واصل الخام الأمريكي الخفيف صعوده لليوم الثالث على التوالي مسجلا في أخر تعاملات الجمعة مستوى 98،82 دولار للبرميل، وذلك بعد صدور بيانات متفائلة حول الوظائف في الولاياتالمتحدة وتراجع مخزون الإحتياطي من النفط، بينما عرف خام البرنت لبحر الشمال نفس المصير بارتفاع طفيف قدر بنسبة 03،0٪ ليصل إلى 75،105 دولار للبرميل وهو تقريبا، نفس المستوى، في المتوسط، الذي بلغه طيلة الأسبوع الماضي. كانت للبيانات شبه التفاؤلية لبعض المؤشرات الإقتصادية في الولاياتالمتحدةالأمريكية تأثير مباشر على الحد من تراجع الأسعار، غير أن التخفيضات الأخيرة لمؤسستي فيتس وموديز في التصنيف الإذتماني لبعض البنوك الأوربية أعاد التشاؤم من جديد، في أوساط المستثمرين الأوربيين بسبب استمرار تداعيات أزمة الديون السيادية الأوربية. في نفس اليوم الذي أغلقت فيه أسواق النفط العالمية على مكاسب ولو محدودة أعلنت مؤسسة فيتش عن تخفيض تصنيفاتها الإئتمانية لاسبانيا بدرجتين وتخفيض آخر لتصنيف الدين السيادي الإيطالي بعد تفاقم أزمة الديون في منطقة الأورو الذي كان له تأثير سلبي على أوربا ككل، كما خفضت مؤسسة التصنيف الأتماني لتسعة بنوك برتغالية بسبب إرتفاع المخاطر الناجمة عن الأصول الموجودة لدى البنوك، التي تحوز على ديون برتغالية، فضلا عن تخفيض التصنيف السيادي للبرتغال. إستمرار أزمة الديون السيادية الأوربية وتراجع الإقتصاد الأمريكي يعدان من أكبر العوامل المؤثرة في مسار الإقتصاد العالمي وفي ديناميكية الأسواق المالية العالمية وبالتالي فإن إنعكاساتها كانت مباشرة على تراجع الطلب على النفط، الأمر الذي حذا بدول مثل إيران التي ترأس حاليا منظمة أوبك إلى التصريح بأن هذه الأخيرة لن تلجأ إلى تغيير سقف إنتاجها الحالي، وهو من المرجح أن يتفق بشأنه أعضاء أوبك في إجتماعهم الإعتيادي القادم المقرر في ديسمبر القادم، رغم أن بعض الأطراف داخل المنظمة لم تستبعد لقاء استثنائيا في حالة ما إذا تراجعت الأسعار، بشكل متسارع وحاد. وردا على مندوب إيران لدى أوبيك محمد علي الخطيب الذي دعا إلى العودة إلى مستويات الإنتاج المتفق عليها بعد عودة الحركة في قطاع النفط في ليبيا، قال وزير النفط السعودي علي النعيمي أن السعودية أكبر بلد مصدر للنفط في العالم سيواصل إمداد كل الزبائن بكميات النفط التي يطلبونها، إلى أن إنتاج السعودية بلغ 3،9 مليون برميل في اليوم في الشهر الماضي مقابل 8،9 ب/ي في أوت، بانخفاض قدر ب 500 ألف ب/ي لاعتقاده أن أسواق النفط العالمية متوازنة. وتشير جل التوقعات أن الإقتصاد العالمي وفي ظل الظروف الراهنة مقبل على مرحل خطيرة وصفت بأنها ستكون أشد من حالة الكساد، نظرا لأن الجهود التي تبذل إما بصفة إنفرادية أو جماعية تبقى بعيدة عن تحقيق إستعادة الثقة في الأسواق. وفي نفس السياق صدر بيان مشترك وقعته المستشارة الألمانية أنجيلا مركل وخمس منظمات دولية وهي منظمة العمل الدولية ومنظمة التجارة العالمية، ومجموعة البنك الدولي والمنظمة الأوربية للتعاون والتنمية وصندوق النقد الدولي، جاء في هذا البيان أن العالم قد يدخل مرحلة جديدة وأكثر خطورة من الكساد، حسب ما توقعه »الأفامي«، نظرا لارتفاع نسبة البطالة وارتفاع مستويات الديون في العديد من الدول الذي جاء كنتيجة لحال الركود الإقتصادي الناجمة عن الأزمة السابقة، حيث لم يتم معالجتها وفق ميكانيزمات، إقتصادية، بل انطلاقا من سياسات التحفيز المالي من قبل الحكومات لانعاش النمو لكن نتائجها كانت وخيمة على الأسواق المالية والحالة غير المستقرة التي توجد عليها حاليا. ولأن العدوة قابلة للإنتشار، فقد دعا الرئيس الأمريكي أوباما الذي تشهد العديد من ولاياته اضطرابات شبيهة بتلك التي عرفتها العديد من الدول العربية في “الربيع العربي”.. دعا دول الاتحاد الأوربي إلى التحرك بسرعة للحد من الأزمة الإقتصادية والمالية في أوربا قبل أن تصل تداعياتها السلبية إلى بلده الذي يبدو أنه يعاني تحديات غير مسبوقة، كشفت على أن التعافي المسجل في الإقتصاد الأمريكي عقب أزمة الرهن العقاري التي تحولت إلى أزمة مالية ثم إقتصادية لم يكن إلا هشا، وقد تعصف به انعكاسات أزمة الديون السيادية الأوربية نظرا للارتباط الوثيق بينها وبين بقية اقتصادات العالم بما فيها أمريكا.