أكد مراد مدلسي وزير الخارجية على موقف الجزائر المبدئي من عدة قضايا تشغل بال الرأي العام الوطني، وتتناول بالتهويل الاعلامي والتضخيم إلى درجة تشوه معها الحقيقة. وتوقف الوزير الذي نزل ضيف الحصة الأثيرية للقناة ال 3، عند محطات ساخنة بدول الجوار المغاربي والعربي والافريقي مشددا على المبدأ المقدس المعتمد من الدبلوماسية الجزائرية في تعاملها مع الأحداث والطوارئ. ويتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام خيارات الشعوب في تفضيل نظام حكم على آخر دون تطاول على أحد وهذا نزولا عند القاعدة الثابتة ان الدول باقية والتعامل معها ضرورة حتمية عكس الأنظمة السياسية الذاهبة والآتية في حركة مد وجزر لا تعترف بالحدود والحواجز، ولا تتوقف عند الزمان والمكان. وعن الاصلاحات السياسية التي تخوض تجربتها باستقلالية قرار وسيادة، أكد مدلسي، أنها تتجاوب وتطلعات المواطنين وانشغالاتهم، وهي حركة مستمرة في مسعى التقويم والتجدد الذي طبع الحياة السياسية، وكسب المؤسسات حالة من الديناميكية محل اهتمام ومتابعة. وأعطى الوزير في قراءته للمشهد السياسي المتغير على الدوام في الجزائر لترسيخ ديمقراطية تعددية تتبارى فيها الآراء والأفكار المتناقضة على الأحسن والأقوم، أمثلة عن تعديل النصوص التشريعية لمعالجة اختلالات في الممارسة الميدانية. وقال أن تعديل الدستور، ومراجعة مواد تسمح باشراك المواطن في إدارة شؤونه، واختيار البرامج الحاملة لهمومه وانشغاله، كان دائما سمة متبعة في الجزائر منذ اختيار الانفتاح بعد أكتوبر 1989. وظل هذا النهج يطغى على المسار التعددي بلا انقطاع، مضربا المثل على أن في الجزائر كل متغير من أجل الاستقرار الهدف المنشود. وبهذا التعديل، تكشف الجزائر أنها تخوض تجربتها الديمقراطية بقرار سيادي، بعيدا عن ضغط الخارج واملاءاته،. وبعيدا عن تداعيات الحراك العربي، وما يحمله من عناوين وألقاب كالانتفاضة والثورة، وما إلى ذلك من مصطلحات.. وتحدث الوزير مطولا عن التجربة الجزائرية في الاصلاح والتغيير 20 سنة مضت قبل «الربيع العربي» مبطلة مفعول ما يروج من أكاذيب وتهويل وقراءات أخرى. وبالنسبة إليه فإن هذه التجربة تعمقت بالممارسة الميدانية خلال عشرية الفوضى والجنون، وهي عشرية واجهت فيها الجزائر بمفردها موجة الارهاب، في وقت أدار فيها العالم ظهره.. ولم يبد أية تضامن وتفهم لجرائم الشبكة العكنبوتية التي لا تعترف بالحدود والأوطان، وتخترق السيادات باسم الدين. الأكثر من هذا، أن الكثير من الدول راحت تعلن على الملأ وبأفواه عريضة أن «الإرهاب صنع جزائري»، ولم تتغير وتراجع حساباتها سوى بعد الاعتداءات الإرهابية على نيويورك، ولندن وباريس، ومدريد، عندها أدركت هذه القوى جدوى ما نبهت إليه الجزائر، وما حذرت منه، وما طالبت من ضرورة مواجهة الارهاب بحركة دولية واسعة بعيدا عن قاعدة «تخطي راسي». وذكر الوزير كذلك، في رده على أسئلة تخص امكانية تكرار تجربة بعض الدول التي اعتلت فيها التيارات الاسلامية الحكم، بالجزائر في الانتخابات القادمة، بأنه لا بد من قراءة متأنية للحدث، واعطاء الممارسة السياسية حقها في الاعتبار والاهتمام. وقال الوزير بلغة الحسم والفصل، ان الجزائر لا تريد تكرار تجربة المأساة الوطنية، وهي مصممة على تطبيق ما أفرزه الاستفتاء حول المصالحة، وعدم فتح المجال لأي حزب ينشط على أساس ديني أو عرقي. فالمجال مفتوح للأحزاب حاملة برامج يجد فيها المواطن تكفلا بانشغاله وهمومه، فيختارها، وينصب من هم على رأسها في أعلى المواقع والمكاتب دون أي اعتبار آخر. وحول البناء المغاربي، يرى مدلسي أنه لا بد من مراجعة الحسابات، والتفكير في ترسيخ مؤسسات ثابتة، تدفع بالصرح إلى التقدم دون أن يبقى حبيس الخطاب السياسي، وقال ان اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد نهاية فيفري بالرباط، ينظر في هذه المسألة الحساسة.