تحدّث العديد من التقنيين مباشرة بعد النتائج الباهرة التي حقّقها هاليلوزيتش مع المنتخب الوطني، أنّ التقني البوسني لم يخض اختبارا حقيقيا لحد الآن، وأنّ الفرق التي واجهت “الخضر" كانت دائما من المستوى الثاني، لهذا فإنّه لا يمكن الحكم بصفة نهائية على نجاحه على رأس التشكيلة الوطنية!! للأسف هذا التحليل غير منطقي ولا يعكس العمل الكبير الذي يقوم به لحد الآن، والذي أبان للرأي العام الرياضي أنّ فلسفة هذا التقني ستأتي بالعديد من الأشياء الإيجابية إذا تركناه يعمل وفق البرنامج الذي سطّره من قبل ولكي تكون الأمور في نصابها، حتى القرعة أعطته الفرصة للتأكيد على التحديات التي قدم من أجلها، ذلك أنّ المنتخب الجزائري وقع في مجموعة “الموت" كما يقال، وسنقابل منتخبات مرشّحة لنيل اللقب، وهذا في الدور الأول، ممّا سيمكّن هاليلوزيتش من إسكات كل الذين قاموا بتحاليل بعيدة عن المنطق مباشرة بعد تأهل الفريق إلى الدورة النهائية لكأس إفريقيا للأمم 2013، المقررة في جانفي القادم بجنوب إفريقيا. بداية صعبة...
وعلينا النظر إلى الأيام أو الأسابيع الأولى التي بدأ فيها الناخب الوطني عمله والمرتبة التي كانت فيها الجزائر في ترتيب الفيفا، وكذا الخيبة الكبيرة التي شعرنا بها حين تلقّى الفريق الوطني هزيمة ثقيلة أمام نظيرة المغربي، والتي ساهمت كثيرا في إقصائنا من الدورة الماضية لكأس إفريقيا. لذلك فإنّ التقني البوسني جاء في وقت كانت الأمور بمثابة ورشة حقيقية بدأها بالجانب البسيكولوجي، أين فضّل “تجميع" اللاعبين بعيدا عن الضغط أحسن من إجراء مباراة ودية التي قال عنها أنّه لا فائدة منها كونه لم ينطلق في عمله ولا يعرف اللاعبين، وقد تكون هذه الوضعية بمثابة إخفاق منذ البداية. وبالفعل، فقد تعرّف أكثر على اللاعبين، وقام بإعطائهم المحاور الكبرى لفلسفته التي تعتمد على العمل والانضباط والمناقشة على المناصب في جو رياضي بحث... ومع مرور الوقت بدأت الأمور تتّضح، ببروز لاعبين جدد لدى المتتبّعين والذين تابعهم الطاقم الفني سواء في البطولة الوطنية أو في أوروبا، يتغيّر الرسم العام للتشكيلة الوطنية بتراجع عدد اللاعبين الذين تعوّدنا عليهم في السنوات الماضية لأسباب مختلفة، على غرار زياني، بلحاج، عنتر يحيى، بوقرة، يبدة ومغني...أبن فسح المجال للاعبين أكثر جاهزية من الناحيتين المعنوية والرياضية...والشيء الذي أبهر المتتبّعين أنّ هذه “التغييرات" جاءت بدون إحداث خلل في توازن التشكيلة الوطنية، فقد تغيّرت الأمور بصفة تدريجية، ومع توالي المقابلات فرض البعض نفسه وأنسى الأسماء الأخرى التي تأثّرت في غالب الأحيان بنقص المنافسة والاصابة. القائمة الموسّعة
وبحكم تجربته الكبيرة، فإنّ الناخب الوطني كان دائما يجد الحلول المناسبة لتعويض الغيابات المتكررة، دون الوصول إلى التصريحات الانهزامية التي كثيرا ما أثّرت على معنويات اللاعبين في الماضي القريب، خاصة وأنّ الاستراتيجية التي وضعها سمحت له دائما في الخروج من المأزق...وفي مقدمة نقاط هذه العملية، هو أنّ هاليلوزيتش يعمل وفق قائمة موسّعة أين بإمكانه تعويض الغيابات بلاعبين جاهزين، في العديد من المرات يكونوا من البطولة المحلية بقيامه بتربص اللاعبين المحليين، الذين عادوا إلى الواجهة منذ قدومه إلى الجزائر. ويقول بعض المحليين أنّ التربص الذي أجراه هاليلوزيتش في الصائفة الماضية والذي دام قرابة ال 40 يوما، كان بمثابة المنعرج الحاسم لخطته، أين وضع الأرضية الحقيقية لمنتخب المستقبل الذي يخوض المنافسات بارتياح أكبر، رغم أنّ أصعب الأمور قادمة في كأس إفريقيا 2013 وكذا تصفيات المونديال القادم، والتي ستتواصل بداية من مارس القادم. والمهم الآن أنّ الرؤية اتّضحت بشكل أكبر، والعمل متواصل على جميع المستويات...والشيء الذي زاد من منطقية خطة الناخب الوطني هو أنّ أعضاء الطاقم الفني يتابعون كل صغيرة وكبيرة في البطولة المحلية لاكتشاف المواهب، الأمر الذي أنعش حقا البطولة وأعطى لها نكهة إضافية...بدون أن ننسى التواصل المستمر مع مدربي الأندية الذين يقدّمون لهاليلوزيتش وضعية اللاعبين، ومثال اللاعب بزاز لخير دليل على التنسيق الذي لابد أن يكون باستمرار وهذا في صالح المنتخب الوطني المقبل على مقابلة ودية هامة أمام المنتخب البوسني، الذي يضم لاعبين مميزين، ويلعب المنافسات الأوروبية المؤهلة للمونديال، أين سيستفيد زملاء قديورة كثيرا يوم ال 14 نوفمبر، خاصة وأنّ الفريق البوسني يشرف عليه مدرب معروف لدى الجزائريين وهو صانع الألعاب السابق لباريسان جرمان سافييت سوزيتش، الذي يعطي الأولوية كثيرا للعب الفني ويملك لاعبين يلعبون في المستوى العالي على غرار دزيكو وميسيمونيتش.