قال الإمام الشافعي رحمه اللّه: ولولا الشعر بالعلماء يروي لكنت أشعر من لبيد، ومن الحقائق المؤكدة أن الإمام الشافعي متنوع فنون الشعر متعدد الموضوعات والمقاصد، ولكن في نطاق الإلتزام بالقيم الرفيعة والصفات الحميدة من علم وفضل وخلق. لا يسمح هذا الحيز بالحديث عن جوانب الإبداع في شعر الحكمة عند الإمام الشافعي، ولكن من المفيد تقديم النماذج التالية: 1 يصف الإمام الشافعي حاله حين تواجهه المشاكل، وأكثرها مشاكل العلم بطبيعة الحال، ولا ينسى في ذلك الإشادة بفضل اللّه عليه فيقول: إن المشاكل تصدني لي كشفت حقائقها بالنظر ولست طامع في الرجال أسائل هذا وتاك ما الخبر ولكني مدرك الأصغرين جلاب خير وفراج شر 2 يتميز الإمام الشافعي بتجربة في الحياة، ويتخذ لنفسه منهجا في حياته ألزم نفسه به وطلب إلى مريديه التزامه، ويتمثل هذا المنهج في عمق الإيمان وقبول حكم القضاء والقدر، والصبر على المكاره والجد عند الشدائد، وسماحة النفس وسخاء اليد، ويتميز الإمام الشافعي بالحكمة في التعامل مع أحداث الزمان حيث يقول: دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفسا بما حكم القضاء ولا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا من بقاء وكن صبورا على الأهوال جلدا وشيمتك السماحة والسخاء فلا حزن يدوم ولا سرور ولا بؤس عليك ولا شقاء 3 يعتقد الإمام الشافعي أن حكمة السفر والتنقل لا تقف بصاحبها عند الإسترادة من العلم، وإنما تكسبه فضيلة الصبر والجد واكتساب الرزق ومعرفة الإخوان، وفي فوائد السفر يقول الإمام الشافعي: سافر عوضا عن تفارقه وسافر فإن لذيذ العيش في السفر إني رأيت وقوف الماء يفسده إن سال طاب وإن لم يجر لم يطب والأسد لولا فراق الغاب ما افترس والسهم لولا فراق القوى لم تصب وللإمام الشافعي بيتان يصف غرامه بالسفر وولوعه بالتجول، حيث يقول: سأضرب في طول البلاد وعرضها أنال مرادي أو أموت غريبا فإن تلفت نفسي فلله درها وإن سلمت كان الرجوع قريبا 4 يتميز الإمام الشافعي بالابداع في شعر الحكمة، وهذه الحكمة تنطبق على الواقع في حياة الأفراد والجماعات والمجتمعات في هذا العالم الغريب الأطوار، وهذه الأبيات يرددها الكثير من الناس ولا يعرفون قائلها، وهي من إبداع قريحة الإمام الشافعي رحمه اللّه وطيّب ثراه وفي هذه الأبيات البليغة المعنى والدلالات والمغزى، حيث يقول: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ونهجو الزمان بغير جرم ولو نطق الزمان هجانا محمد وادفل