أعطى لنا مونديال كرواتيا لكرة اليد الذي انتهى منذ اسبوع صورة أخرى لهذه الرياضة في بلادنا، والتي للأسف الشديد تبقى في خانة التراجع وعدم القدرة على العودة الى الواجهة.. رغم أن في كل مرة نسمع أن المسيرين بصدد اعداد خطة تخرج الكرة الصغيرة الجزائرية من النفق ؟! فبطولة العالم التي توج بلقبها المنتخب الفرنسي، كان مستواها عاليا جيدا وحتى الفريق الكرواتي الذي لعب في عقر داره وأمام جمهوره، لم يتمكن من اختطاف الكأس، التي عادت للبطل الأولمبي، الذي يسير بشكل جيد في الدورات وبطريقة مدروسة، بالنظر لما شاهدناه في مقابلاته طوال هذه المنافسة العالمية رقم واحد في هذه الرياضة. وبالنسبة لمنتخبنا الوطني الذي كانت الآمال فيه كبيرة بعد تمكنه من اقتطاع تأشيرة التأهل الى المونديال الذي غاب عنه في دورة ألمانيا ,2007 فقد استطاع أن يفوز بالمركز الثالث المؤهل لبطولة العالم.. بفضل رؤية جديدة وعزيمة المدرب كمال عقاب.. هذا الأخير الذي قدم الى الفريق الوطني أكد أنه سيعمل خطوة بخطوة لاعادة ''الخضر'' الى مكانة مرموقة اذا توفرت كل الوسائل والظروف لذلك... وحقا فقد عمل بشكل منظم واستراتيجي في الفترة الأولى، التي جعلت الفريق الجزائري يضم لاعبين مخضرمين وشبان شكلوا لحمة تمكنت من تحقيق بعض النتائج الايجابية.. وبدأت تقلص الفارق قاريا على الفريقين التونسي والمصري. وبعد إجراء عملية القرعة الخاصة بالمونديال ظهر جليا أن الفريق الوطني سيواجه منتخبات قوية وعليه التحضير بشكل جيد لهذا الموعد العالمي، والاعتماد على خبرة لاعبينا سواء الذين يشاركون في البطولة الوطنية أو البطولات الاوروبية.. لكن الأمور لم تسر بشكل منطقي.. والكل لاحظ أن الفريق الوطني كان يكتفي بتربصات دون لعب المقابلات الدولية والدورات التي تمنح له الفرصة لمعرفة نقاط القوة والضعف.. وكذا تقييم التحضيرات.. وكان المدرب الوطني السابق كمال عقاب قد أكدها مرارا أن التحضيرات لم تكن في المستوى حيث أن اللاعبين لم يحتكوا مع منتخبات أخرى للسماح لهم دخول المونديال بكل امكانياتهم.. ذلك أن التخوف لم يكن من امكانيات اللاعبين الذين يضمهم الفريق الوطني، أكثر من ناحية مستوى التحضير. لهذا دخل زملاء بودرالي المونديال منقوصين من الناحيتين البدنية والتكتيكية بسبب عدم اجرائهم لعدة دورات تحضيرية.. وهذا الأمر يزيد من تدني تحضيرهم المعنوي.. لتتوالى الهزائم الواحدة تلو الأخرى.. وفي الدور الأول سجل ''الخضر'' (5) هزائم كانت (4) منها جد قاسية لأن الفرق كان كبيرا جدا ولا يعكس صورة كرة اليد الجزائرية على المستوى العالمي.. فما عدا المباراة المميزة للبان وحمزة وبودرالي أمام المنتخب الروسي.. فإن كل الخرجات الأخرى كانت مخيبة وبشكل كبيرا.. !! ونقص التحضير وافرازاته السلبية في المرحلة الأولى كان واضحا، ذلك أنه وبعد أن اجرى الفريق الوطني المقابلات ال 5 في الدور الأول..تمكن من تحقيق الانسجام الضروري بين عناصره والمجهود البدني أصبح في موقع جيد، مما مكن فريقنا الوطني من انهاء المونديال (كأس رئيس الاتحاد الدولي) بقوة كبيرة، وفاز بكل مقابلاته !! البطولة .. اعطائها نفس جديد فتجربة المونديال الكرواتي، لابد أن تكون وقفة للمسيرين الجدد على مستوى الاتحادية الجزائرية لكرة اليد لاعادة النظر في العديد من الاشياء.. لاسيما ملف الفريق الوطني واعطائه كل الامكانيات التي تسمح له بالعودة الى الواجهة قاريا وعالميا، لأن المادة الخام موجودة بظهور موجة جديدة من اللاعبين المميزين، الذين يحتاجون لظروف احسن في التحضير ولعب دورات بشكل مكثف، كما كان في السابق.. وهو الأمر الذي يسمح للاعبين امثال عقاب، عازب، بودرالي وبعدهم عواشرية، لبان، نجال من الظهور بشكل قوي في بطولات افريقيا والعالم... فالمونديال يحضر على المدى الطويل وبشكل مركز مع دراسة كل الترتيبات التي تخص هذه المنافسة العالمية. كما أن قوة الفريق الوطني تأتي حتما من بطولة قوية، عكس ما نراه حاليا ومنذ سنوات طويلة، حيث غاب التشويق والتنافس بين الفريق.. ذلك أن المنافسة الوطنية احتكرها فريق المجمع البترولي الجزائر (المولودية سابقا).. مما افقد المنافسة نكهتها من ناحية ''السوسبانس''.. ومن حين لآخر يظهر فريق واحد ينافس اشبال زغيلي.. لكن النفس الطويل والعمل الجاد الذي يقوم به زملاء حماد يجعلهم في القمة في كل موسم.. والجدية والعزيمة اهلتهم كذلك للسيطرة على المنافسات القارية. تطور كبير في الآداء... وبالنسبة لمستوى المونديال فإن تغييرات كثيرة ظهرت على آداء المنتخبات، لاسيما القوية منها.. فالبرغم من ترشيح العديد من الفنيين للفريق الكرواتي، بالنظر لمؤهلاته العالية ولعبه في عقر داره .. إلا أن الغلبة عادت للفريق الفرنسي الذي اعطى اشياء جديدة للعبة.. خاصة اعتماده في نفس الوقت على الجانبين الفني والبدني.. فكل لاعبيه يمزجون بين النقطتين، الأمر الذي اعطى لهم الاسبقية في المقابلات التي أجروها. من جهة أخرى، فإن الرسم التكتيكي للفريق أخذ منحى تصاعدي كبير وتسيير المقابلات اصبح أكثر دقة.. وهو ما أعطى نتائج كبيرة في مجال توسع رقعة الفرق المرشحة للسيطرة على الكرة الصغيرة العالمية.. واصبحت عدة منتخبات لها قوة كبيرة على غرار فرنسا، كرواتيا، ألمانيا، بولونيا والدنمارك، في حين تراجع آداء المنتخبات الافريقية، فلم تعد مصر وتونس وكذا الجزائر في دائرة المنتخبات التي بإمكانها الوصول الى مراتب متقدمة في الترتيب العالمي، بعد أن كانت في وقت قريب تشكل صعوبات جمة للمرشحين.