قادت الأبحاث والتحقيقات التي باشرتها بداية الأسبوع الماضي مصالح المجموعة الولائية للدرك الوطني بالجزائر العاصمة إلى توقيف 3 أشخاص من أفراد شبكة إجرامية خطيرة، تنشط في مجال تزوير وترويج العملة الوطنية، وبالأخص الأوراق النقدية من فئة ألف دج، كانت تقوم بتوزيعها في شكل مبالغ مالية صغيرة عبر عدة ولايات من الوطن. وحسب مصادر مقربة من التحقيق، فان تفاصيل القضية تعود إلى تاريخ 7 مارس الجاري، أين تقدم تاجر من بلدية الحراش بشكوى لدى مصالح الدرك الوطني المختصة، مفادها تعرضه للاحتيال من قبل شاب بواسطة أوراق نقدية من فئة ألف دج، وبناء على ذلك، باشرت عناصر السلاح الأخضر إجراءات التحقيق في القضية، ليتضح لاحقا أن الأمر يتعلق بعصابة تقوم بتقليد الأوراق النقدية وترويج مبالغ مالية هامة على مستوى الوطن، بحيث كانت تركز نشاطها عبر إقليم أربع ولايات رئيسية تتمثل في بسكرة، المسيلة، تيزي وزو والجزائر العاصمة المعروفة بكثرة نشاطها التجاري، وبالأخص عدم تعارف الأشخاص، مما يسهل تحركاتهم ويضمن نجاح حيلتهم. واستنادا إلى معلومات دقيقة انحدرت من الجهة الشرقية الجنوبية لولاية العاصمة، بما في ذلك بلديتي براقي والكاليتوس، تشير إلى اكتشاف مبالغ مالية مزورة من طرف عدة تجار بالمنطقتين المذكورتين الذين نسقوا بصورة جد محكمة مع مصالح الدرك الوطني، فقد قادت التحريات إلى رسم خريطة الطريق التي يسلكها عناصر هذه الشبكة في ترويج الأوراق النقدية المزورة مرورا بالولايات المعنية. واثر تحديد احد عناصر العصابة، رصدت المصالح المكلفة بالتحقيق خطة بالتنسيق مع الضحية للإيقاع بالمتهم الأول والوصول إلى باقي العناصر الذين ينشطون في الولايات المجاورة، وتم رسم سيناريو محكم أوهم من خلاله المتهم بان زبائنه الجدد يريدون شراء مبلغ 100 مليون سنتيم مقابل نصف الثمن أي ما يعادل 50 مليون سنتيم، ليسارع هذا الأخير إلى الاتصال بالرأس المدبر للشبكة الذي حدد بدوره مدينة بوسعادة التابعة لولاية المسيلة كمكان إبرام الصفقة، نظرا إلى قربها من ورشة تصنيع الأوراق النقدية المزورة، تفاديا للوقوع في قبضة الأمن واكتشاف أمرهم خلال حواجز المراقبة المنصبة على طول الطريق. وبمجرد إخطار السيد وكيل الجمهورية لدى محكمة الحراش والحصول على تسخيرة لتمديد الاختصاص الإقليمي، انتقلت عناصر الدرك الوطني في الموعد المبرمج متنكرة بالزي المدني رفقة المتهم الأول، وبعد نصب التعداد الأمني اللازم ومحاصرة المنطقة، تم الاتصال بالمتهم أين دارت مفاوضات عديدة بين الطرفين امتدت من الثانية بعد الزوال إلى غاية الخامسة والنصف مساء، ليتضح في الأخير أن رأس العصابة قد اعد من جهة خطة للهروب وجند عدد من الأشخاص للتدخل في حالة تدهور الأوضاع، كما احضر معه سلاح ابيض يتمثل في سيف حاد كان سيستعمله للاعتداء على الزبائن والإفلات ب 50 مليون سنتيم، إلا أن تفطن عناصر الدرك الوطني بفضل الخبرة الميدانية التي يحوزونها في هذا المجال، جعلتهم يتدخلون في الوقت المناسب ويوقفون المعني رفقة آخرين، بالإضافة إلى استرجاع كيس معبأ ب 80 مليون سنتم. وبعد اقتياد المعنيين إلى مقر الفرقة الإقليمية وتفتيش مكان إقامتهم، تم اكتشاف الورشة بكامل التجهيزات المستعملة في تزوير الأوراق النقدية، ليتبين، حسب اعترافات المتهمين، أنهم قاموا في غضون الشهر الجاري بترويج ما لا يقل عن 2 مليون سنتيم بكل من الولايات المعنية والمذكورة سلفا. مصالح الدرك الوطني، قدمت أمس المتهمين أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة الحراش الذي أمر بإيداعهم الحبس. وتجدر الإشارة إلى أن توقيف عناصر هذه الشبكة لم يكن ليرى النور يوما لولا تبليغ الضحايا في الوقت المناسب وإيفاد الأجهزة الأمنية بالمعلومات الكاملة والوافية لإلقاء القبض عليهم، بحيث أن تنسيق المواطنين وتعاونهم مع مصالح الدرك الوطني، من شانه أن يسهم في تسهيل التحقيقات، وتضييق الخناق على هذه الشبكات الإجرامية مهما كانت طبيعتها.