تحتوي سيرة الصحابة والتابعين على خلاصة التجارب في أمور الحياة ونتاج أفكارهم وفيض من حكمتهم والاطلاع على سيرتهم يكشف فيضا، من حكمتهم والعبرة المليئة بالتجارب العملية المفعمة بالأخلاص والحكمة. لا يسمح هذا الحيز بالحديث عن هذه التجارب بالتفصيل ولكن من المفيد تقديم النماذج التالية: 1 تروي كتب السيرة عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي اللّه عنه) أنه لقي حذيفة (رضي اللّه عنه) فقال له: كيف أصبحت يا حذيفة؟ فقال حذيفة: »أصبحت أحب الفتنة وأكره الحق وأصلي بغير وضوء ولي في الأرض ما ليس للّه في السماء!! غضب عمر بن الخطاب غضبا شديدا. دخل الايمام علي كرم اللّه وجهه وقال: يا أمير المؤمنين على وجهك أثر الغضب، فأخبره عمر بن الخطاب بما كان مع حذيفة، فقال: علي صدق يا أمير المؤمنين !! يحب الفتنة يعني يحب المال والبنين.. يكره الحق وهو الموت ويصلي بغير وضوء يعني يصلي على النبي صلى اللّه عليه وسلم في كل وقت وله في الأرض ما ليس لله في السماء أي له زوجة وأولاد، وليس لله، زوجة وأولاد. قال عمر: أصبت يا أبا الحسن لقد أزلت ما بقلبي على حذيفة. 2 كان لرجل ثلاثة أصدقاء فنزلت به نازلة فلقي أقرب الأصدقاء الثلاثة وقال له: إني أحب أن تعينني فقال: ما أنا بالذي يفعل. فانطلق إلى الصديق الثاني وقال له: أحب أن تعينني.. انطلق معه الصديق الثاني إلى المكان الذي يريد فلما بلغه تركه ورجع، وانطلق إلى الصديق الثالث وقال له أحب أن تعينني فقال الصديق الثالث: أنا أذهب معك حيث ذهبت وأدخل معك حيث دخلت!!. الأول هو ماله تركه لأهله ولم يتبعه منه شيء. والثاني: أهله وعشيرته.. ذهبوا معه إلى قبره ثم رجعوا وتركوه والصديق الثالث: هو عمله الذي يذهب معه حيث يذهب ويدخل معه حيث يدخل!!. وشى رجلان بمؤمن وقالا لفرعون إنه لا يقول إنك ربه فاحضره وقال للواشيان من ربكما فقالا: أنت وقال للمؤمن: من ربك؟. فقال: ربي ربهما فقال فرعون: سعيتما برجل على ديني لأقتله وأمر بقتلهما فقتلا. هذه الحادثة تؤكدها الآية الكريمة من القرآن العظيم: »فوقاه اللّه سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب«. محمد وادفل