لم يعد يفصلنا، سوى ثلاثة أشهر، عن انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة، وهو الموعد الانتخابي الذي سيكون مقياسا حقيقيا للأحزاب السياسية من حيث التأكد من ولاء مناضليها وإخلاصهم في ظل الأصداء غير الايجابية التي تنتظر العديد من الأحزاب. استنفرت، مختلف الأحزاب السياسية، قواعدها من اجل تجنيد المناضلين تحسبا لانتخابات تجديد الغرفة الأولى للبرلمان حيث تعرف مختلف البلديات اجتماعات ماراطونية بين المنتخبين المحليين والمترشحين للمناصب من اجل كسب أكبر قدر ممكن من الأصوات وضمان مقعد بمجلس الأمة، وتتحدث بعض المصادر عن إغراءات كبيرة من المترشحين للمنتخبين المحليين في حال فوزهم بالمقعد. وكثفت، قيادات الأحزاب، من تحركاتها تجاه قواعدها النضالية من أجل حثها على الالتزام بالتصويت على زملائهم المرشحين وتفادي الانقلابات الخفية التي تضر كثيرا بسمعة الأحزاب، كما أن التحالفات السرية والمعلنة تكون قد أخذت نصيبا كبيرا من وقت قيادات الأحزاب لأن بعض الأحزاب الصغيرة تعتبر أصواتها مرجحة في الكثير من الأحيان. ويعتبر، حزب جبهة التحرير الوطني، أكثر الأحزاب تخوفا من تمرد منتخبيه في ظل المشاكل التي تعرفها مختلف قسمات الحزب، كما أن الحزب ما يزال يعيش على الهزات الارتدادية التي عرفها في انتخابات التجديد النصفي السابقة التي جرت في نهاية 2006 حيث خسر فيها الحزب العديد من المواقع لفائدة مترشحين أحرار كانوا تحت لواء الأفلان ولم يمكنهم من الترشح وهو ما جعلهم يلبسون عباية الأحرار وتفوقوا على مرشحي الحزب، وهو ما عكس الاختلالات الكبيرة التي يعيشها الحزب العتيد ومازال كذلك ويسعى الأمين العام للهيئة التنفيذية السيد عبد العزيز بلخادم لضبط الأمور ليس من اجل الانتخابات فحسب، بل لدخول المؤتمر التاسع للحزب بداية السنة المقبلة بقوة وتفويت الفرصة على المشككين في أن يكون المؤتمر فرصة للصراعات وإثارة البلبلة التي قد تجعل مصير الحزب يتململ أمام خصومه. ويتخوف الحزب من ردود فعل بعض القسمات التي حدثت فيها مشاكل كبيرة من أجل تجديدها، خاصة في تبسة وباتنة وتلمسان حيث وجد مبعوثي السيد عبد العزيز بلخادم العديد من المشاكل والصراعات. ومن الأحزاب التي ستعاني كثيرا في هذه الانتخابات، حركة مجتمع السلم حيث سيجد السيد أبو جرة سلطاني نفسه أمام امتحان صعب في ظل وعيد حركة الدعوة والتغيير التي يقودها عبد المجيد مناصرة حيث ستكون نتائج الانتخابات محطة هامة للرجلين من أجل تأكيد عدم تأثر حمس بالحركة المضادة أم سيؤكد مناصرة قوته. وفي انتظار موافقة بعض الأحزاب على المشاركة، على غرار حزب العمال والأرسيدي والجبهة الوطنية الجزائرية، ستكون أصوات منتخبيهم في المزاد لمختلف المترشحين، هذا ناهيك عن دخول الأحرار المعركة من اجل دخول قصر زيغود يوسف. وتبقى الساحة السياسية في الجزائر رهينة النظرة الضيقة وغياب التكوين والبرامج وأصبحت الاستحقاقات والانتخابات محطة للنفور ونشر صورة سيئة عن المسار الديمقراطي في الجزائر، فإلى متى تظل البزنسة والسلوكات السيئة هي المسيطرة.