ملف تعويض المتضررين معلق والجريمة الفرنسية دون متابعة قضائية نستذكر الذكرى 58 للتفجيرات النووية بصحراء الجزائر، وبالتحديد في منطقة رقان الشاهدة على هذه الجريمة النكراء والأليمة في نفس الوقت، كون ضحاياها لا زالوا يعانون أمراضا خطيرة وتشوهات خلقية وآخرون ماتوا بعد صراع مع المرض، ولم يتم تعويضهم من طرف الدولة الاستعمارية التي ارتكبت هذا الفعل الشنيع، ولها مسؤولية تاريخية أمام الإنسانية جمعاء، وبعد تردد طويل أقدمت على إصدار التعويض للضحايا الفرنسيين وما وراء البحار، وبشروط بالنسبة للجزائريين مما يحول دون استفادتهم من التعويض. «الشعب» تتوقف عند هذه الجرائم وترصد حقائق استنادا إلى شهادات خبراء وأهل الاختصاص. في هذا الصدد، قال المحامي عامر أرخيلة ل «الشعب» إن ملف التعويض معلق والجريمة مستمرة تاريخيا، كما أن المجتمع المدني والضحايا ما زالوا يطالبون بالتعويض عن الأمراض الخطيرة التي خلفتها التفجيرات النووية، والتي تحتاج إلى خبرة طبية، مشيرا إلى أنه مؤخرا طرح وزير المجاهدين المسألة خلال لقاءاته مع الطرف الفرنسي. وأضاف الأستاذ المحامي أنه، على الصعيد الفرنسي بعد تردد طويل أقدمت على إصدار قانون لتعويض الضحايا من الفرنسيين وما وراء البحر، لكن هذا القانون استثنى الجزائريين كونه يتضمن شروطا لتكوين الملف وهي ضرورة وجود الضحية بفرنسا ليعرض على الخبرة الطبية للتأكد بأن الإشعاعات النووية مسته. مما يحول دون تمكن الجزائريين ضحايا هذه التفجيرات من الاستفادة من التعويض المادي عن الضرر الجسيم الذي ألحق بهم، بسبب أن بعض الضحايا في حالة عجز تام عن التنقل نتيجة تفاقم المرض، وآخرون لهم تشوهات، ومنهم من ماتوا في حين البعض عاجزون ماديا عن السفر للحصول على العلاج، مشيرا إلى أنه فيما بعد تم استدراك الأمر. ووصف أرخيلة قائمة ضحايا هذه الجريمة تاريخيا، بأنها خيانة فرنسا لعهودها ومبادئها باستعمالها معتقلي جيش التحرير الوطني الذين كانوا أسرى في السجون الفرنسية، والمدنيين العزل كفئران تجارب، بحيث اخترقت اتفاقيات جنيف بتعريض هؤلاء إلى الخطر، الآلاف منهم ماتوا والذين ظلوا على قيد الحياة يعانون تشوهات خلقية وأمراض سرطانية خطيرة. وأبرز الخبير القانوني في هذا الشأن، الانعكاسات السلبية والخطيرة التي خلفتها التفجيرات قائلا إن الجيش الفرنسي الرسمي قام بهذا الفعل الإجرامي ضد مواطنين عزل في مناطق قضي فيها على كل أسباب الحياة في بقعة شاسعة من الأرض، زيادة عن الآثار الناجمة التي مست المياه الجوفية والتي تمتد إلى ملايين السنين، مشيرا إلى أن هذه المسألة مؤخرا ظلت مطروحة واهتم بها المؤرخون والباحثون الجزائريون، أما على الصعيد الرسمي تطرق المسؤولون السياسيون إلى الملف بشكل من الجدية خلال لقاءات اللجنة المختلطة الجزائرية الفرنسية في مادة التاريخ، إلا أنه للأسف لا يوجد تشريع جزائري في هذا المجال. وقال أيضا إن هناك تماطلا من الطرف الجزائري كون الإرادة السياسية ضعيفة وهي ترجح الملفات الثنائية الاقتصادية، التجارية والثقافية، ولم تستعمل ملف التفجيرات النووية كورقة ضغط، مشيرا إلى أن الكثير من الملفات المشتركة مسكوت عنها ليس بسبب غياب ما يؤسس به، بل أحيانا هناك إرادة جزائرية تريد ترك الأمر إلى التاريخ الذي لا يرحم فرنسا، مضيفا أن تكفل الجزائر بمصاريف نقل الأشخاص والوصول إلى الخبرات تؤكد أن ما يعاني منه الضحايا ناتج عن التجارب وبهذه الطريقة تقديم المساعدة للضحايا، ولا يتأتى ذلك إلا بالضغط من السلطات الجزائرية، حسب ما أفاد به أرخيلة، مشيرا إلى أن تحمل الجزائر مصاريف العلاج مرده الوصول إلى تجريم الفعل الفرنسي، وأنه كلما تم دراسة الملف كلما زاد تجريم الاستعمار، لكن هذا لا يكفي، أضاف يقول.