يتّجه قطاع التّكوين المهني بولاية بومرداس رويدا رويدا نحو توسيع نمط التمهين بالتركيز على الجانب التطبيقي بعيدا عن الصيغة الكلاسيكية المعهودة التي كانت حكرا على التكوين الإقامي داخل المراكز لربط التخصصات الجديدة منها مباشرة بالأنشطة التطبيقية في الميدان الاقتصادي ومختلف مؤسسات الانجاز في ورشات البناء والأشغال العمومية، وهو تحدي مستقبلي يتطلب الكثير من المجهودات لدفع باقي الشركاء للانخراط في هذا المسعى. تشهد مدوّنة التكوين المهني بولاية بومرداس تجددا آليا من دورة إلى أخرى بما فيها دورة فيفري الأسبوع القادم، تماشيا مع متطلبات سوق العمل وتوزع خارطة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية التي بدأت هي الأخرى تتوسّع خاصة في القطاعات الحساسة بالولاية كالفلاحة والصناعات التحويلية وباقي النشاطات التي تلقى مزيد من الاهتمام من طرف الشباب المتربص ونقصد هنا الصناعة، البناء والأشغال العمومية وبالأخص قطاع السياحة والصناعة التقليدية، حيث تحول معهد الفندقة والسياحة بالكرمة إلى قبلة للشباب من كل ولايات الوطن بما فيهم الجامعيون الذين وجدوا في النشاط فرصة مواتية لضمان مهنة مستقبلية في مختلف المؤسسات الفندقية والمركبات السياحية، وفرصة أيضا لفتح باب الاستثمار أمامهم بإنشاء مؤسّسات مصغّرة في إطار أجهزة الدعم المحلية كإنشاء وكالات سياحة وأسفار، مرشد سياحي وغيرها من الأفكار الأخرى في سوق واعد بفضل القدرات التي تتميز بها الولاية في هذا الجانب. كما توسّعت هذه المدوّنة لتشمل عدد من التخصّصات الجديدة قاربت 50 تخصص في مختلف الأنشطة الحيوية التي تسمح بخلق مناصب شغل وتقديم قيمة مضافة للاقتصاد المحلي، ونقصد هنا قطاع الفلاحة والصيد البحري رغم الصعوبات التي لا تزال تعترض النشاط في الميدان، وبالخصوص في مجال توسيع الاستثمار والاستفادة من قروض بنكية بالنسبة للمتربصين من حاملي المشاريع بسبب إشكالية الملكية وتقلص فرص الحصول على عقار صناعي، مع ذلك تم التركيز على تفعيل وعصرنة أنشطة تقليدية في مجال تربية النحل وإنشاء معاصر زيتون عصرية في إطار وكالة «أونساج»، تخصّصات مكيّفة مثل البستنة وحماية النباتات، صيانة العتاد الفلاحي، وأخرى موجهة لدعم نشاط لصيد البحري وتربية المائيات بيد عاملة مؤهلة في مجال ترميم شباك الصيد وميكانيك إصلاح السفن التي يضمنها مركز التكوين المهني بزموري البحري. في مجال الأنشطة الصناعية، تمّ التوجه أكثر نحو مهن صيانة العتاد الصناعي كتخصص يلقى إقبالا كبيرا من طرف الشباب نظرا لوجود حظوظ كبيرة في الحصول على منصب عمل بالوحدات الصناعية العديدة الموجودة بولاية بومرداس وأخرى مبرمجة للانجاز في إطار برنامج دعم الاستثمار المحلي عبر مناطق النشاطات المقترحة للانجاز، كما تشهد الصناعات التحويلية الغذائية هي الأخرى نموا متزايدا بفضل الطابع الفلاحي للولاية، وعليه تمّ دعم مدونة التكوين بتخصصات تشمل مراقبة النوعية في المنتجات الزراعية، إنتاج زيت الزيتون، مراقبة وتعليب مشتقات الحليب، الجزارة ومنتجات اللحوم بالإضافة إلى تخصص حفظ وتحويل منتجات الصيد البحري، ناهيك عن الأهمية التي يلعبها أيضا قطاع الصناعة التقليدية بالولاية التي تحتفظ بمهن يدوية كثيرة لم تحظ بالاهتمام الكافي، وهو ما جعل المشرفون على التكوين المهني يلجؤون إلى عملية تقييم وتحيين المدونة من أجل إعادة إحياء مثل هذه الأنشطة، خاصة الصناعات الجلدية وصناعة الأحذية بمركز التكوين لبني عمران التي تعتبر معقل هذه الحرفة. هذا وتبقى عملية إنجاح هذه الاستراتيجية المعتمدة من قبل وزارة التكوين المهني الهادفة إلى إخراج أنشطة التكوين خارج المراكز والمعاهد بصيغتها التقليدية النظرية نحو العالم الاقتصادي الرحب، وربطه بميدان الشغل والبعد التطبيقي عن طريق التمهين بنسبة قد تصل إلى حدود 70 من المائة، رهينة تفاعل الشركاء الاقتصاديين في الميدان ودرجة استعدادهم لتحمل جانب من هذه المهمة وبمحفّزات قد تعود بالفائدة على المؤسسات الاقتصادية التي ستضمن ديمومة النشاط ويد عاملة مؤهّلة داخليا، وهي من جملة التحديات المنتظرة والمجهودات التي بدأت بانفتاح القطاع على المؤسسات الصناعية والاقتصادية بإبرام جملة من اتفاقيات إطار للتعاون المتبادل في مجال التكوين والرسكلة.