في حروف اللغة.. العربية، وأبجديتها وعددها ثمانية وعشرين حرفا، من الألف إلى الياء ثلاث حروف تؤلمني وتسبب لي القلق، وتصيبني بالإحباط والإكتئاب كلما قرأتها أو كتبتها أو سمعتها تلفظ بلسان... تلكم... الحروف هي الظاء واللام والميم، وقد يسألني القارئ الكريم، لماذا؟ وما في هذه الحروف حتى يصيبك منها كل هذا الأذى..؟! فأجيب بكل بساطة لأنها الحروف التي تتشكل منها كلمة ظلم.. وأشد ما أكرهه وأبغضه في الوجود الظلم كيف لا والظلم من أبشع الأفعال التي يقترفها الإنسان ويوحي بها إليه الشيطان.. من أشد الموبقات مغبة، وهونا على الفرد والمجتمع، فالمجتمع الذي يتفشى فيه الظلم، مجتمع تنقطع أوصاله ووشائحه وتسكن قلبه الضغائن، والأحقاد، فينجر عن ذلك الفساد بل أدهى من ذلك إذ يشعل نار الفتن ويوقد جحيم الثورات فأني للمجتمع الذي يدب فيه هذا الداء العضال أن يبني ويعلي صرح الحضارة، والمجد، أو يتقدم في الثقافة والعلم، والصناعة، والسياسة، والإقتصاد؟! إن ذلك من سابع المستحيلات وهذا الفيروس الخبيث ينخر جسد المجتمع أو الأمة.. إن الظلم شر ومتى أتى الشر بالخير، إنهما ضدان لا يلتقيان ولا يجتمعان في زمان ولا في مكان، فإن إلتقيا فإنه يلتقي الساكنان ويلتقي الظلام والنور، ويلتقي الطهر والفجور..! ولعمري إن الأمة التي تصيبها آفة الظلم لأمة ينزع منها الإطمئنان، وتجرد من الأمن والسلام وينتحر فيها الوئام والانسجام فتعيش ليلا نهارا ظلاما في ظلام. ونحن أمة مسلمة، وللّه الفضل والِمنّة. لنا في كتاب اللّه العظيم وفي سنة رسوله المصطفى الكريم السراج المنير الإسوة الحسنة والمنهاج الصحيح الذي إذا اتبعناه نسلم بالتأكيد من هذا المرض القاتل الخطير، هذا شيء أكيد، وحقيقة ثابتة لا تقبل الموماراة ولا المجادلة.. وإنه لا يستسيغ عقل، ولا يهضم فكر أن إنسانا يظلم أخاه الإنسان، فيأكل ماله بالباطل، أو يعتدي عليه بالضرب، أو يغلظ له القول فيجرح إحساسه وعاطفته بفحش الكلام، أو يكيد له المكايد ليجلب له الهلاك، أو يشهد عليه بالزور، ويرميه بالبهتان، ويغتابه فيذكره في غيابه بين الناس فيلطخ عرضه إلى ما ذلك من أنواع الظلم، وكثيرة ومتنوعة لا يجد حصرها ولا يحيط بها عدد.. ومن أشنع أنواع الظلم أن يظلم الإنسان نفسه، أيعقل هذا، بلى لا يعقل وهو واقع يصنعه الجهلاء وهم لا يشعرون، ألم تقرؤوا قول اللّه عزّ وجل في محكم التنزيل: {ومن يتعدّى حدود اللّه فقد ظلم نفسه} وقد نهى رسولنا الكريم عن تعدي حدود اللّه فقال عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم: »إن اللّه حد حدودا فلا تعتدوها، وأمر بأشياء فلا تتركوها، وسكت عن أشياء فلا تسألوا عنها..« وقال من أرسله اللّه رحمة للعالمين، والذي لا ينطق عن الهوى، علمه شديد القوى في حديث قدسي فيما يرويه عن ربّه: »قال رسول اللّه قال اللّه تعالى »يا عبادي لقد حرمت الظلم عن نفسي فيا عبادي لا تظالمون« وقول رسول اللّه صلوات ربّي وسلامه عليه: »الظلم ظلمات يوم القيامة« ومن الأدعية المستجابة التي لا ترد وليس بينها وبين اللّه حجاب دعوة المظلوم بغض النظر عن جنسه ولونه ومعتقده، يرفعها اللّه على الغمام ويقول: »وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين« ولكن النّفوس أثيمة تنصاع لأمر السّوء، وتقع في حبائل الشيطان، فيزل عليها غصب الواحد الدّيان كلّ النفوس جُبلت على الظلم إلا من رحم ربّي، ويؤيد قولي هذا قول الشاعر الحكيم أبو الطيب المتنبي، حيث يقول »والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفّة فلعلّة لا يظلم« وقد بحثت عن هذه العلّة التي تكسب النفس العفة فتمنعها عن الظلم، فتوصلت بما ألهمني وعلمني ربّي إلى علل مختلفة ألخصها فيما يأتي: أوّلا إمّا أن تكون هذه النفس تقية ورعة تخشى اللّه عزّ وجل وتخاف عقابه فلا يمكنها أن تقترف جريمة الظلم... وثانيا أن تكون هذه النفس مترفعة عن الظلم رقيقة مرهفة فتعاف الظلم فلا تقع فيه فمن طبيعة الظالم أن يكون قاسي القلب.. صالح بن قبي في محاضرة له بفندق الأوراسي ''الدول الغربية تحاول محو الحضارة الاسلامية'' أكد السفير صالح بن قبي أن الدول الغربية تحاول بكل ما في وسعها محو الحضارة الإسلامية في محاضرة ألقاها أول أمس بفندق الأوراسي تحت عنوان ''الجزائر في أبعادها الروحية والحضارية'' التي نشطها الوزير السابق للاتصال الأستاذ الأمين بشيشي ونظمها المجلس الأعلى للغة العربية ضمن منبر''حوار الأفكار .'' بدأ صالح بن قبي محاضرته بالحديث عن الدور الذي لعبته الجزائر في نشر الإسلام عن طريق بعض القبائل ذات الأصل الجزائري الذين نفاهم الاحتلال إلى المناطق النائية من القارة السمراء، مشيرا في معرض حديثه إلى الأبطال الذين ميزوا فترة الفتوحات، ثم انتقل إلى الحديث عن الجزائر في وقت الاستعمار والمجهودات التي بذلها الرجال الذين قادوا الثورة أمثال الأمير عبد القادر، الذي قادة المعركة في الشرق وأحمد باي الذي قادها في الغرب الجزائري وغيرهم، من الذين لم يتخلوا عن واجباتهم الوطنية والحضارية وكافحوا من أجل أن تستقل الجزائر، موضحا أنه لو لم تحتل الجزائر من طرف فرنسا لكانت دول أخرى فكرت في نفس الفكرة، مؤكدا في ذات السياق أنه لو لا تواطؤ الدول الغربية الأخرى لما احتلت فرنساالجزائر والتي مازالت إلى يومنا هذا تحاول محو الحضارة الإسلامية، وفي الأخير تكلم عن الجزائر بعد الاستقلال حيث عبر عن استيائه للظروف المزرية التي تعيشها الجزائر اليوم، والتي رغم تاريخها وحضارتها العريقة لم تستطع النهوض من جديد . ------------------------------------------------------------------------