الصرف الصحي والصناعي يلوث مياه الوديان والتطهير أمر استعجالي تعتبر قسنطينة من الولايات الرائدة في الإنتاج المحاصيل الفلاحية خاصة الحبوب التي تحتل المراتب الأولى وطنيا بفضل انتهاجها لأساليب تكنولوجية حديثة والرفع من كفاءة البذور والأسمدة والري الزراعي. رغم هذا لا زال القطاع يعرف الكثير من المشاكل والصعاب والطموح بغية تحقيق المزيد حيث يعتبر توسيع المساحة المسقية وترشيد استغلال المياه من أهم العوامل المؤدية إلى تحسين قطاع السقي بهدف الاستغلال الأمثل للموارد المائية التي هي بطبيعة الحال محدودة. تبلغ نسبة الأراضي المروية بالولاية 2٪ أي 2564 هكتار من إجمالي الأراضي الزراعية المستعملة والمقدرة ب131066 هكتار تحتل من خلالها زراعة الأشجار المثمرة المرتبة الأولى بمساحة تقدر ب1400هكتار تليها زراعة الخضروات على غرار الخس، الفلفل، الطماطم،البصل ب1150 هكتار فالأعلاف بمساحة 14 هكتار فقط. من حيث التوزيع الجغرافي للمساحة المسقية ونوع المزروعات، تحتل حامة بوزيان الريادة ب633 هكتار رغم كل المشاكل التي يعانيها المزارعون بهذه البلدية التي كانت تعرف ب«سلة غذاء قسنطينة” لتأتي بعدها بلدية عين سمارة بمساحة مسقية 429 هكتار، بلدية الخروب ب289 هكتار ثم بلدية قسنطينة بمساحة تقدر ب174 هكتار. جل المزروعات المسقية تعاني غياب السقي التكميلي للمحاصيل الكبرى “قمح، صلب، قمح لين، شعير” وذلك رغم سياسة وزارة الفلاحة المشجعة لهذا النوع من الري الذي أثبت نجاعته في مضاعفة المحصول في عديد الدول عبر العالم. إن دور الريادة الذي تحتله قسنطينة في إنتاج الحبوب الشتوية وطنيا يشجعها أكثر على السقي لمضاعفة المحصول نظرا لملاءمة الظروف المناخية والفيزيائية، حيث تطمح الولاية إلى تحقيق مليوني قنطار بعد 3 أو 4 سنوات بانتهاج طريقة الري التكميلي خلال فصل الربيع وهذا لا يتأتى إلا بتضافر جهود جميع الفاعلين في القطاع سيما منها تعاونية الحبوب والبقول الجافة، الفلاحين، بنك البدر، المصالح التقنية وإزالة العراقيل الإدارية التي حالت دون انطلاق البرنامج المخطط من طرف وزارة الفلاحة الخاص بالسقي التكميلي للحبوب والمحاصيل الكبرى. فمضاعفة المنتوج الزراعي خاصة منها الحبوب الشتوية لن يتحقق إلا بزيادة المساحات المسقية وإتباع الطرق الحديثة في الري والتسميد والمتابعة ومرافقة الفلاحين اقتصاديا وتقنيا. ...الجهات المعنية تعمل على مسح فيزيائي للأراضي بالرغم من أن قسنطينة رائدة في إنتاج المحاصيل الكبرى وتحتل المراتب الأولى بين الولايات إلا أن العمل لا يزال جاريا لرفع الإنتاج والقضاء على العراقيل التي تحد من الوصول إلى الأهداف المسطرة من طرف وزارة الفلاحة، وكذا الفاعلين بالقطاع الذي يعتبر ثاني قطاع استراتيجي تعتمد عليه الدولة الجزائرية. في هذا الإطار تم اقتراح إجراء مسح فيزيائي للأراضي الزراعية والتي تعتمد على مدى ملائمة نوعية التربةّ، المناخ، والتوفر المائي للنوع الزراعي وإنجاز خريطة زراعية يتم على أساسها تقديم المعونة التقنية والمالية للفلاحين خاصة مع التباين الجغرافي لنوع التربة والمناخ وكمية الأمطار بالولاية، باعتبار أن مياه التساقط هي الحلقة الأولى من الدورة المائية والممون الرئيسي لمختلف أنماط السقي. بالنظر إلى اختلاف معدل التساقط وخطر الجفاف فإن التركيز على أحسن الطرق لتجميع المياه وعقلنة استغلالها من أولى الأولويات. فرغم مجهودات الدولة في بناء السدود والحواجز المائية إلا أن نسبة عالية لا تزال تضيع في البحر، وفيما يتعلق بمحيطات السقي بالولاية فأهم محيط بالولاية وهو محيط حامة بوزيان الذي يمون من المنبع يعاني من التدهور الشديد مما تسبب في مشاكل للفلاحين جراء الظروف المالية الصعبة للتعاونية الفلاحية للسقي والصرف الصحي التي تسيره والعاجزة حتى على تسديد فاتورة الكهرباء، لتجف بموجبها معظم سواقي هذا المحيط الذي يدار بطريقة تقليدية مما تسبب في تكبد الفلاحيين لخسائر كبيرة جراء انعدام الأشجار مع تسجيل أن مساحة هذا المحيط الذي كان يمون قسنطينة بمختلف أنواع الغلال الزراعية في تراجع مستمر نظرا لزحف الإسمنت والتسيير غير المعقول لملف البناء الريفي. ...تراجع الحواجز المائية ومحيطات السقي تحتوي الولاية على موارد للري لا بأس بها على غرر الينابيع التي يقدر عددها حاليا ب35 ينبوع بمساحة مسقية تقدر ب897 هكتار مصدرها المياه الباطنية التي تعد من الثروات الهامة التي تحوزها الولاية والتي تستغل في سقي البساتين وفي إنتاج العديد من أنواع الخضر إلا أن تراجع إنجاز الينابيع في السنوات القليلة الماضية رغم فعالية هذا النوع من الموارد المائية في الري الفلاحي، هذا إلى جانب توفر 17 حاجزا مائيا بمساحة مسقية تقدر ب600 هكتار هذه التي تعتبر طريقة لتجميع المياه السطحية والمياه السطحية ومياه المجاري الناتجة عن التساقط تستغل في مجالات السقي الفلاحي ومكافحة الحرائق والسياحة وتربية المائيات وحتى الشرب يبلغ عددها بالولاية 20 منها ثلاثة غير مستغلة، 239 بئر و17 وادي و33 بئر عميق بمساحة مسقية قدرت ب275 هكتار، حيث تعتبر هذه الموارد المائية في الري الفلاحي ذات فعالية قصوى لزيادة الإنتاج الفلاحي. كما يعاني القطاع الفلاحي فيما يخص الحواجز المائية انخفاضا في الإمكانيات التخزينية وتقلص المساحة المسقية بسبب ارتفاع نسبة التوحل بها وخاصة القديمة على غرار حواجز بلدية ابن باديس، الخروب و عين عبيد الذي توقف استغلاله نهائيا. إلى جانب معضلة التوحل التي تسجل عدم استعمال مياه الكثير من الحواجز في الري من طرف المزارعين سواء لانعدام الإرشاد التقني والتوعية المتخصصة أو لنقص القدرة المالية على اقتناء عتاد السقي من الفلاحين ما يطرح إشكالية المرافقة التقنية والمالية بقوة وهي الإشكالية التي دفعت الكثير منهم إلى تأجير الأراضي أو استعمالها في زراعة الحبوب الشتوية. ومن خلال الزيارات التي قامت بها جريدة “الشعب” للعديد من هذه الحواجز اتضح أنها تعاني الإهمال ونقص المتابعة حيث أضحى العديد منها مرتعا للمنحرفين وتحولت إلى مكان خاص بغسل السيارات والشاحنات. كما تعاني مصادر الوديان من التلوث جراء مياه الصرف الصحي والصناعي كواد بومرزوق على مستوى المنطقة الصناعة بالحميميم وواد الرمال على مستوى المستشفى الجامعي والمنطقة الصناعية عين سمارة وقسنطينة. ورغم خطورة الوضع إلا أن مواصلة السقي بهذه المياه أمر يهدد صحة المواطن المستهلك ويشكل استهتارا بالمراسيم التي تمنع بصرامة عملية السقي من الأودية الملوثة. إلى حين انتهاء عملية تطهير الأودية وربط المجاري الصحية والصناعية فإن تجديد عمليات المراقبة والتطبيق الصارم للمرسوم أكثر من ضروري، وقتها تتحقق إمكانية انتهاء هذه العملية وإجراء التحاليل الخاصة بهذه المياه واستغلال الأودية في الري ورفع نسبة المساحة المروية بقسنطينة التي تعد معركة حياة وتحدي.