شرعت مصالح بنك الجزائر في سحب الأوراق النقدية التي تحمل توقيع المحافظ السابق لبنك الجزائر عبد الوهاب كرمان، قصد استبدالها بأوراق نقدية جديدة تحمل توقيع المحافظ الحالي محمد لكصاسي، وذلك على خلفية متابعة المحافظ السابق كرمان، قضائيا في قضية الصندوق الرئيسي لبنك الخليفة، التي تدخل يومها الواحد والثلاثين يومه السبت. وبدأت هذه العملية بظهور أوراق نقدية جديدة بقيم ألف دينار و500 دينار، و200 دينار دون ورقة ال 100 دينار، التي تقرر استبدالها بالعملة المعدنية، بحيث ظهرت بنفس المواصفات السابقة باستثناء التغيير الذي طرأ على توقيع المحافظ. ولا تشترط القوانين المنظمة لعمل بنك الجزائر، سحب الأوراق النقدية التي تحمل توقيعات مسؤولين سابقين على مستوى بنك الجزائر، سواء تعلق الأمر بتوقيع المحافظ، أو بتوقيع المدير العام للخزينة بمجرد تنحيتهم من مناصبهم في الظروف العادية، لكنها تؤكد على ضرورة سحب كل الأوراق النقدية التي تحمل توقيعات المسؤولين السابقين الذين تعاقبوا على بنك الجزائر، وأدينوا بقرارات قضائية مهما كان نوعها، وهي الحالة التي تنطبق على المتهم عبد الوهاب كرمان الموجود في حالة فرار، والذي يعتبر، بالنظر إلى الاعترافات والشهادات، التي أدلى بها المتهمون والشهود منذ انطلاق المحاكمة في الأسبوع الثاني من الشهر المنصرم، أنه واحدا من المتورطين الكبار، في قضية الخليفة، حتى وإن كان قد أكد في رسائله وبياناته التي وجهها للصحافة، أنه يتعرض لمحاكمة ذات طابع سياسي. ويتابع المحافظ السابق بتهم تتعلق بتكوين جمعية أشرار والنصب والاحتيال.. على خلفية سكوته حول العديد من خروقات بنك الخليفة القانونية، بداية بعدم دفع البنك للرأسمال التأسيسي كاملا، وتغيير أسماء المؤسسين، والسكوت عن مخالفة التشريعات المتعلقة بحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، في إطار التجارة الخارجية. وبحسب مصادر قانونية على صلة بالقضية، فإن الدولة ستجد نفسها بعد أسابيع قليلة، أمام حتمية سحب كل الأوراق النقدية التي تحمل توقيع "المحافظ الهارب"، مع ما تحمله هذه العملية من تخوفات قد ترقى في كثير من الأحيان، بسبب أمية نسبة مهمة من الجزائريين، إلى "بسيكوز حقيقي"، لا سيما بالنسبة لأولئك الذين يملكون قيم معتبرة في صورة ادخار منزلي، الأمر الذي يضعهم أمام حتمية نقلها في أكياس إلى الوكالات البنكية، ومراكز البريد الموزعة عبر كامل الترب الوطني، لتعويضها بالأوراق النقدية الجديدة. وتكشف مثل هذه الحادثة عن الحاجة الملحة إلى ضرورة شيوع ثقافة التعامل بالصكوك، واستبدال طريقة الادخار المنزلي التقليدي "المنوم للأموال"، بالادخار البنكي المستثمر المولّد للمشاريع، الذي يبقى مقصورا على فئات محدودة من الجزائريين من ذوي المستويات الثقافية والتعليمية المقبولة، لأن عمليات استبدال الأوراق النقدية في الحالة الثانية، تكون سهلة وسلسة، ولا يمكنها أن تقود إلى حالات الهلع والبسيكوز، التي صاحبت حالات مشابهة في وقت سابق. وسبق للجزائر أن عاشت حالات سحب أوراق نقدية من التداول في الأسواق النقدية، وكان ذلك في مطلع الثمانينيات، عندما سحبت ورقة ال 500 دينار، وهي الحادثة التي خلفت خوفا وهلعا كبيرين لدي الجزائريين من أصحاب الادخار المنزلي، الذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها يحملون أكياسا معتبرة من الأموال، في سيناريو كشف الكثير من الأغنياء في صورة فقراء، عاش خلالها الشارع الجزائري لفترة ليست بالقصيرة، على قصص مثيرة للتندر. ويمكن لبنك الجزائر اليوم سحب كميات معتبرة من الأوراق النقدية التي تحمل توقيعات المحافظ السابق لبنك الجزائر، عبد الوهاب كرمان، واستبدالها بالأوراق النقدية الجديدة التي تحمل اسم المحافظ الحالي محمد لكصاسي، غير أنه من الصعوبة بمكان سحب كل الأوراق غير المرغوب فيها، إلا بقرار يلزم كل الجزائريين من أصحاب الادخار المنزلي، بتسليم الأوراق النقدية، في أجل محدد عادة ما يحدد في أسبوع واحد، على غرار ما حدث في مطلع الثمانينيات. محمد مسلم